أزمة الهوية والقيم: بين هيمنة المصلحة وانحسار الأخلاق

الولي سيدي هيبه

ترى من أين لهذا الشعب هذه القدرة “الجبّارة” على الجمع بين المغالطة التي تزاوج بين الكذب الممنهج والنفاق المتقن، وبين حالة من التدينٍ الزائف الذي يستعرض المعرفة بتكبر وادعاء، وسلوكيات فاسقة تخضع للمصالح المادية الشخصية دون أدنى تورع أو تأمل في عواقبها؟

إنها الحقيقة المُرّة التي تتكشف يوماً بعد يوم مع تصاعد هيمنة المادة، وتراجع حضور الدولة وضعف مفهومها وهي المفترض أن تكون صفها راعيةً للقيم وحاميةً للحقوق.

إن هذه الحالة من الازدواجية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات طويلة من غياب العدالة، وتهميش القيم الأخلاقية لصالح المصالح الآنية الضيقة للافراد و المطموعات الضيقة قبلية وعشائرية وشرائحية.

في ظل هذه الوضعية النشاز، يصبح الكذب والنفاق أدوات للبقاء، ويتحوّل التدين إلى قناعٍ زائف يبرر السلوكيات المشينة، بينما تُغتال الفضيلة في صمت.

ربما يكون هذا الانحراف دليلاً على أزمة هوية جماعية، حيث يتراجع الإيمان بالمبادئ لصالح الانصياع لإملاءات المصلحة، وجبر الولة على التحول من راعيةٍ للمجتمع إلى مجرد كيانٍ غائب عن مسؤولياته.

فهل من سبيلٍ لاستعادة التوازن بين القيم الأخلاقية والمصلحة المادية، أم أننا على أعتاب تقبل لانفصال نهائي بينهما؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى