المكتب الإعلام لرئاسة الجمهورية يعاني اخلالات بنيوية منذ إنشائه

كتب عبد الله السيد

منذ تأسيسه، ظل المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية في موريتانيا يعاني من اختلالات بنيوية مزمنة حالت دون تحوّله إلى جهاز فاعل قادر على مواكبة مؤسسة الرئاسة إعلاميًا بالشكل الذي يليق بمكانتها السياسية والدستورية.

فأول ما واجهه الذين تعاقبوا على إدارة هذا المكتب كان غياب الوسائل الأساسية للعمل الإعلامي المحترف. وجد كل مدير نفسه في مواجهة بنية ضعيفة، تفتقر إلى التجهيزات الفنية، وإلى الموارد البشرية المؤهلة، فضلًا عن غياب الحد الأدنى من الدعم اللوجستي الذي يُمكّن المكتب من أداء مهامه في الإنتاج الإعلامي، أو التفاعل مع الأحداث بمرونة وكفاءة.

وإلى جانب ذلك، كان هناك غموض مؤسسي في توصيف مهام المكتب، حيث لم تُحسم أدواره ضمن الهيكل العام للرئاسة، وظلت الصلاحيات غير محددة، ما أدى إلى تداخل المسؤوليات مع جهات أخرى، أو إلى تحييد المكتب عن بعض الملفات الحيوية، ما أفقده التأثير المطلوب في المشهد الاتصالي الوطني.

أما القيود الإدارية والبيروقراطية، فقد شكّلت عائقًا مزمنًا أمام أي مبادرة إعلامية جريئة. فالمكتب ظل طيلة سنواته الأولى ـ وربما حتى اليوم ـ يعمل في ظل قيود صارمة على حرية القرار والتصرف، في وقت تتطلب فيه طبيعة العمل الإعلامي التحرك السريع والقدرة على المبادرة والتقدير المستقل للموقف.

وقد زاد الطين بلة ضعف التنسيق الداخلي مع دوائر القرار داخل مؤسسة الرئاسة، ما جعل المكتب أحيانًا يشتغل كمجرد ناقل شكلي للأنشطة الرسمية، بدلًا من أن يكون شريكًا في صياغة الخطاب الرسمي وتوجيه الرأي العام وبناء صورة الدولة في الداخل والخارج.

النتيجة؟

تحوّل المكتب الإعلامي، رغم أهميته النظرية، إلى جهاز هامشي محدود التأثير، يغيب عن اللحظات الكبرى، ويعجز في كثير من الأحيان عن خلق تواصل منتظم ومهني بين مؤسسة الرئاسة والمواطن، ناهيك عن دوره الخارجي في تمثيل موريتانيا إعلاميًا على الساحة الإقليمية والدولية.

ما المطلوب؟
• إعادة تعريف المهام والصلاحيات بوضوح ودقة ضمن الهيكل المؤسسي للرئاسة.
• تمكين المكتب من الوسائل الفنية والموارد البشرية التي تليق بمستوى التحدي.
• منح المكتب الاستقلالية المهنية اللازمة للتحرك بكفاءة ومرونة.
• فتح قنوات تنسيق فعالة مع جميع الدوائر المعنية داخل الرئاسة وخارجها.
• وضع خطة متكاملة للتحديث الرقمي، تشمل تطوير المحتوى، والتفاعل مع المنصات الحديثة، وإنتاج مادة إعلامية تعكس نبض الدولة وتخاطب مختلف شرائح المجتمع.

إن النهوض بالمكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية لم يعد خيارًا تكميليًا، بل هو ضرورة مؤسسية ووطنية، لضمان تواصل فعال بين الدولة ومواطنيها، ولدعم صورة موريتانيا في الداخل والخارج، من خلال خطاب احترافي، صادق، ومتوازن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى