الجيش البريطاني: إسرائيل تنتهك اتفاقية جنيف بطرق لم تفعلها ألمانيا في الحرب العالمية الثانية

أقرّ تقرير إعلامي داخلي للجيش البريطاني، اليوم الاثنين، بأنّ إسرائيل “تقصف المستشفيات وسيارات الإسعاف” في غزة، متحدثاً عن أن قواتها تنتهك اتفاقية جنيف بطرق لم تفعلها ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. وجاءت هذه التعليقات في مقابلة على موقع “ديفينس كونيكت”، وهي الشبكة الاجتماعية الخاصّة بوزارة الدفاع، بين طبيب عسكري رفيع المستوى، ومقدم برامج من قسم الاتصالات في الجيش البريطاني، إذ قارنا بين السلوك الإسرائيلي في غزة والفظائع الروسية في أوكرانيا، الأمر الذي يعكس وجود أفراد من القوات المسلحة البريطانية الذين يتحدثون بصراحة أكبر عن جرائم الحرب الإسرائيلية.

وبحسب تقرير لموقع “ديكلاسيفايد” البريطاني، الذي اطّلع على أجزاء من المقابلة التي نُشرت في موقع “ديفينس كونيكت” الذي لا يُسمح لأي شخص بالانضمام إليه، يصف المذيع، ديريك تيدر، الجيشَين الروسي والإسرائيلي بأنهما أقل مراعاةً لأجزاء من اتفاقية جنيف مما كان عليه الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية.

العقيد الذي أُجريت معه المقابلة، والذي لم يُكشف عن اسمه، ولكنه قائد عسكري وحاصل على دكتوراه في الطب الميداني، لم يختلف مع أسلوب المذيع، وهو أيضاً عسكري، في تصوير الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط. وفي مقدمته، قال المذيع تيدر: “اتُهم كل من الروس والإسرائيليين بقصف المستشفيات وسيارات الإسعاف وغيرها من مرافق الرعاية الصحية. في غزة، يُزعم أيضاً أن إسرائيل تقتل الآن المنتظرين للحصول على المساعدات الإنسانية”.

وتابع: “في الحرب العالمية الثانية، حتّى الألمان احترموا هذا الجزء من اتفاقية جنيف. فإذا ما طُلب من الجيش البريطاني القتال في صراع مماثل، فماذا سيحدث لجنودنا المصابين بجروح خطيرة في ساحة المعركة؟”، وكان التعليق التوضيحي للفيديو أكثر وضوحاً، إذ جاء فيه: “دول مثل روسيا وإسرائيل تقصف المستشفيات وسيارات الإسعاف”.

وقال المذيع لاحقاً في المقابلة بحسب “ديكلاسيفايد”، “أنا متأكد تماماً، إن كانت تجربتي تُفيدني، أن الألمان لم يقصفوا المستشفيات قط”. وأجاب العقيد الجالس في استوديو يحمل شعار الجيش البريطاني: “في الحرب العالمية الثانية، شهدنا التزاماً دقيقاً من جميع الأطراف باتفاقية جنيف. هذا ليس هو الحال في الصراع الحالي في أوكرانيا”.

وقاطعه تيدر بالقول: “ونعتقد أن الأمر كذلك في الشرق الأوسط أيضاً؟”، فأجاب العقيد: “بالفعل، وقد رأينا مئات المرافق الطبية وسيارات الإسعاف تُستهدف تحديداً”. وأشير خلال المقابلة إلى أن هذه الهجمات أصبحت شائعة لدرجة تدفع إلى مراجعة كيفية رعاية الجيش البريطاني للجنود في ساحة المعركة في الصراعات المستقبلية إذا دُمرت المستشفيات.

وصرّح أحد أفراد الجيش البريطاني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لموقع “ديكلاسيفايد”: “يتناقض هذا الفيديو على نحوٍ عرضي مع الموقف العام للحكومة؛ بأن إسرائيل لا ترتكب جرائم حرب ممنهجة، لذا يمكننا الاستمرار في تسليح وتدريب قواتها، لأن جميع أفراد الجمهور المستهدف يعلمون أن هذا غير صحيح. تعكس التعليقات الواردة في الفيديو مشاعر مشتركة سمعتها داخل القوات المسلحة، ويشعر العديد من الأفراد بأن هذا الاعتراف مصدر قلق بالغ”.

وفي تعليقٍ آخر على الفيديو، قال أحد أفراد القوات المسلحة الذي تحدث إلى موقع “ديكلاسيفايد”: “يجب على كل فرد في الخدمة العسكرية، وجزءاً من التزامات المملكة المتحدة بموجب اتفاقية جنيف، الخضوع لتدريب سنوي في القانون الإنساني الدولي، وقانون النزاعات المسلحة. يعرف كل فرد في الخدمة ما هي جريمة الحرب، ويعلم أنه شاهدها تحدث يومياً في غزة على مدار العامين الماضيين. يدرك أولئك الذين يعملون في أدوار غير قتالية على وجه الخصوص، أنهم يعملون في بيئة أكثر خطورة اليوم ربما من أي وقت مضى، إذ أصبح استهداف العاملين في مجال الرعاية الصحية أمراً طبيعياً”.

وأضاف: “تتحمل روسيا جزءاً كبيراً من اللوم على هذا، ولكن بالقدر نفسه تتحمل إسرائيل مسؤولية استمرار الإبادة الجماعية، المدعومة بشكل غير قانوني (ولا تزال) من المملكة المتحدة وحكومات غربية أخرى”. ولم يُعلّق التعاون العسكري بين لندن وتل أبيب، وتخرّج عقيد إسرائيلي من أكاديمية عسكرية بريطانية الشهر الماضي، بينما تمكّن قائد سلاح الجو الإسرائيلي من زيارة قاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في أوكسفوردشاير، كذلك يُسمح باستمرار بتصدير أسلحة طائرة إف-35، أكثر الطائرات المقاتلة الإسرائيلية تطوراً، عبر دول ثالثة، وحلّقت المئات من رحلات المراقبة الجوية التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني فوق غزة منذ عام 2023.

العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى