أ.د. سيدي محمد ولد سيد أب يبدي ملاحظات على مشاريع قوانين نظامية متعلقة بالانتخابات
طالعت في بعض المواقع قرار المجلس الدستوري الصادر بتاريخ 2023/02/02 حول ستة مشاريع قوانين نظامية تتعلق بالانتخابات، ولفت انتباهي قراره بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 2 من مشروع القانون النظامي الذي يعدل بعض أحكام القانون النظامي رقم 2018/007 الصادر بتاريخ 12 فبراير 2018، المتعلق بانتخاب النواب الممثلين للموريتانيين المقيمين في الخارج لاشتراطها أن يكون المترشح مقيما في الدائرة التي يرشح نفسه للنيابة عنها، وذلك باعتبارها مخالفة لديباجة الدستور الموريتاني والمادة 47 منه، التي تنص على أنه “ينتخب نواب الجمعية الوطنية لمدة خمس سنوات بالاقتراع العام المباشر. يمثل الموريتانيون المقيمون في الخارج بالجمعية الوطنية.
يحق لكل مواطن موريتاني متمتع بحقوقه المدنية والسياسية أن ينتخب نائبا إذا كان عمره لا يقل عن خمس وعشرين سنة”.
والواقع أنه لا تعارض بين الفقرة المحكوم بعدم دستوريتها وبين مقتضيات الديباجة والمادة 47 أعلاه، فالديباجة لم تحدد شروطا للترشح لعضوية الجمعية الوطنية، والمادة 47 لم تحصر شروط الترشح، وإنما ذكرت بعضها فقط، حيث اكتفى المشرع الدستوري فيها بذكر بعض الشروط التي يجب توفرها في المترشح لعضوية الجمعية الوطنية، وأحال بموحب المادة 48 إلى قانون نظامي لتحديد شروط انتخاب أعضاء الحمعية الوطنية وعلاواتهم ونظام عدم القابلية والتعارض …..إلخ.
وكذلك يفعل المشرع الدستوري عادة، حيث يكتفي بتضمين الدستور الأحكام العامة والمبادئ الأساسية ويحيل بالنسبة للتفاصيل والجزئيات إلى قوانين (نظامية أو عادية) لتكمل أحكامه، وهو ما فعله في هذه الحالة، وعلى هذا الأساس يكون من حق المشرع العادي (البرلمان)، بموجب الإحالة الواردة في المادة 48 المشار إليها أعلاه، أن يضمن هذا القانون النظامي ما يشاء من الشروط التي يراها ضرورية، دون أن يكون بالإمكان وصفها بعدم الدستورية.
لذلك فإن الفقرة التي حكم المجلس الدستوري بعدم دستوريتها تطابق الدستور نصا وروحا، ورغم ذلك استحال إصدارها وتنفيذها بسبب قرار المجلس الدستوري الذي يتمتع بسلطة الشيء المقضى به، ولا يقبل أي طعن وهو ملزم للسلطات العمومية وجميع السلطات الإدارية والقضائية.
وفي ضوء هذه الملاحظة أتمنى على مجلسنا الدستوري الموقر أن يتوخى الدقة فيما يصدر عنه من قرارات، خاصة أن قراراته على درحة كبيرة من الأهمية والقدسية، وتشكل سوابق قضائية يمكن أن تكون مصدرا للقانون.
وقد سبق أن لاحظت وقوع المجلس الدستوري في أخطاء لا تقبل منه كهيئة وحيدة يتم الرجوع إليها في مثل هذه الحالات، ومن ذلك قبوله النظر في مدى دستورية (القوانين النظامية) المتعلقة بالبلديات والجهات، بوصفها قوانين نظامية، وهي ليست من صنف القوانين النظامية كما حددتها المادة 67 من الدستور التي تنص على ما يلي: “لا يقدم المشروع أو الاقتراح إلى مداولة أو تصويت الجمعية الوطنية إلا بعد انقضاء مدة خمسة عشر يوما بعد إيداعه.
لا تصدر القوانين النظامية إلا بعد أن يعلن لمجلس الدستوري عن دستوريتها”.
فالقوانين المتعلقة بالبلديات والجهات لم يضف عليها الدستور صفة القوانين النظامية، وبالتالي فهي قوانين عادية.
كما أن المادة 98 من الدستور نصت على أن المجموعات الإقليمية تدار من طرف مجالس منتخبة وفق الشروط التي ينص عليها القانون ولم تصف هذا القانون بأنه نظامي.
ينضاف إلى ذلك أن موضوع تنظيم المجموعات المحلية يقع ضمن مجال القانون العادي (المادة 57 من الدستور).
لهذا كان على المجلس الدستوري، عندما أحيلت إليه هذه القوانين سنة 2018، وسنة 2013بوصفها قوانين نظامية، أن يحيلها عنه لعدم الاختصاص.