كيف تدير المقاومة الحرب البرية؟
يقترب الاحتلال الصهيوني من دخول مغامرة عسكرية خطيرة جدا، مغامرة تشبه إلى حد بعيد معركة ستالينغراد التي أسفرت عن خسارة ألمانيا النازية للحرب العالمية الثانية، وتشبه غزة اليوم ستالينغراد إلى حد بعيد، مدينة تحولت إلى غابة بنادق ورشاشات وقنابل وصواريخ مضادة للدبابات.
توقعت تقارير صحفية صهيونية تعرض الجيش الإسرائيلي لخسائر يومية في الأفراد تصل إلى 100 قتيل يوميا أثناء المواجهات، لكن بعض الخبراء العسكريين يتوقعون أن يخسر الجيش الصهيوني مئات القتلى في كل يوم بعد دخول قطاع غزة، وأن تتعرض وحدات كاملة من قوات الجيش الصهيوني للفناء فيها.
سيقع الجيش الصهيوني في نفس أخطاء الجيش الألماني النازي قبل معركة ستالين غراد الحاسمة بين الجيشين الألماني النازي والسوفيتي في 1942، الجيش الألماني دمر مدينة ستالينغراد قبل الدخول إليها، وفعل الجيش الصهيوني نفس الخطأ في غزة، وبينما توفرت لدى الألمان الرغبة والإرادة في القتال، فإن الصهاينة يعانون الآن من أسوا حالة انهيار في الروح المعنوية، كما أن دخول القوات الإسرائيلية إلى عمق قطاع غزة يفقد إسرائيل القدرة على استعمال سلاحها الجوي، وهذا ما تتمناه فصائل المقاومة، كما أن كل الخبراء والمحللين في الكيان الصهيوني لم يقدموا أي إجابة على السؤال الأخطر حول حرب غزة، وهو: ماذا سيحدث بعد السيطرة على قطاع غزة في حالة السيطرة عليه؟ وكيف يمكن توقيف الحرب البرية؟
نظرية “طنجرة الضغط”..
تحدثت وسائل إعلام صهيونية في الأيام الأخيرة عن إدارة الحرب مع قطاع غزة بطريقة أو نظرية “طنجرة الضغط”، وهي تحويل قطاع غزة إلى وعاء مضغوط بالبخار، قابل للانفجار في أي لحظة، والانفجار هنا يعني “التهجير القسري لكتل بشرية كبيرة وضخمة إلى سيناء في مصر، وتعتمد هذه الطريقة على تحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للعيش، ولا يمكن للمدنيين البقاء فيها، ورغم رفض الدول العربية تهجير الفلسطينيين، وتشديد القيادة السياسية المصرية على رفض تهجير سكان غزة إلى سيناء، إلا أن إسرائيل تراهن إلى الآن على وصول العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة إلى مرحلة تحول القطاع ككل إلى منطقة لا يمكن العيش فيها، ويحتاج تنفيذ هذه الخطة الجهنمية إلى دخول قوة برية صهيونية إلى القطاع والسيطرة على أجزاء منه، لتنفيذ عدة مهام، أولها قتل أكبر عدد ممكن من المقاومين، وفصل فصائل المقاومة عن الحاضنة الشعبية، وأخيرا التحكم بشكل مباشر ومن الأرض في الكتلة الديمغرافية الفلسطينية الموجودة في قطاع غزة.
أهداف العملية العسكرية
لم تتردد قيادة الجيش الصهيوني في تأكيد نية الكيان الإسرائيلي تهجير سكان قطاع غزة، وجاء هذا على لسان وزير الحرب الصهيوني الذي أكد هذا، وحتى يتسنى للكيان الصهيوني تنفيذ مخطط التهجير يجب أن تتواجد قوات عسكرية صهيونية فوق الأرض، وقد وضعت قيادة الجيش الصهيوني في آخر اجتماعاتها، طبقا لما تم تسريبه في الصحافة العبرية، مجموعة من الأهداف للعملية العسكرية البرية، هي القضاء على القدرة القتالية للجناح العسكري لحركة حماس، وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية، وشل قدرتها على ضرب العمق الإسرائيلي في أراضي فلسطين المحتلة، وتحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين والأجانب الموجودين بحوزة المقاومة الفلسطينية، وتقسيم قطاع غزة إلى عدة أجزاء، والتعامل مع كل جزء على حدة، وأخيرا تدمير الأنفاق التي تستعملها فصائل المقاومة للاختباء من الغارات الجوية المركّزة، وكشف بعض الأنفاق لتدميرها ونسفها بشكل مباشر، ثم التعامل مع قطاع غزة كمجموعة بشرية ضخمة من اللاجئين الفارين من المدن والمخيمات ومساومة المدنيين الفلسطينيين على الطعام والدواء، والوصول إلى إمكانية تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين غير القادرين على تحمل كلفة الحرب الإنسانية الثقيلة.
ميزان القوى
وتشير البيانات التي قدمتها صحافة العدو الصهيوني إلى أن الجيش الإسرائيلي حشد، إلى غاية يوم 19 أكتوبر 2023، 140 جندي ضمن فرق مقاتلة مدرعة، زائد فرقة جنود مظلات، و1650 دبابة وأكثر من 6 آلاف عربة قتال مدرعة و1000 قطعة مدفعية، وهذا الحشد العسكري الضخم الموجود في غلاف قطاع غزة يتحضر الآن لتنفيذ هجوم واسع النطاق على القطاع، باستغلال قوة النار الهائلة من الطيران والمدفعية، ومن القطع البحرية الإسرائيلية التي تطلق قذائف وصواريخ ضد قطاع غزة من البحر الأبيض المتوسط قرب سواحل غزة.
أما من جانب المقاومة الفلسطينية، فإن تعداد القوات المدربة والمنظمة، تحت قيادة غرفة عمليات المقاومة الفلسطينية في غزة، فيتراوح بين 35 ألف و45 ألف مقاتل، ومن خلفهم عشرات الآلاف من الفلسطينيين المسلحين الذين يمكنهم التصدي للغزو البري الصهيوني، وتعد شبكة الأنفاق الموجودة تحت الأرض في مناطق واسعة من قطاع غزة أهم أسلحة فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها الجناح العسكري لحركة حماس.
عمى استخباري
بينما يجري تحضير العمليات العسكرية البرية على أعلى مستوى في الكيان الصهيوني، يعاني قادة جيش الاحتلال من مشكلة بالغة الخطورة تحدثت عنها وسائل إعلام غربية وصهيونية، وهي العجز والفشل الاستخباري الخطير، فالمخابرات الصهيونية لم تتمكن طيلة أسبوعين من القتال والقصف الجوي من توفير أي معلومة استخبارية أو أمنية للقوات الجوية الإسرائيلية، حول مواقع تواجد قيادات الصفين الأول والثاني في المقاومة.
وبعد 15 يوما من الغارات الجوية المكثفة التي تعتمد على أحدث وسائل التنصت والمراقبة الجوية، والتنسيق والتعاون الأمني والاستخباري مع المخابرات الأمريكية ووسائل التجسس الأمريكية، لم تتمكن القوات الجوية الصهيونية من قتل أي من قيادات فصائل المقاومة، ولا حتى من قيادات المقاومة السياسيين، وهذا “العمى الاستخباري”، كما يسميه الخبراء العسكريون، سيؤثر بشكل كبير على سير العمليات الحربية البرية.
عن الخبر