تموز المجيد

افتتاحية الصواب 17 تموز 2021

تحل الذكرى 53 لثورة 17/ 30 تموز العظيمة وهي ترفل في أجواء عيد الأضحى المبارك الذي جعله الله في الأزل يوما من ايام امتنا المجيدة (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا.
كما تحل في وقت حالك على الأمة يستدعي الحاجة إلى جذوتها من جديد وروح ثورتها ومسارها الذي أضاء كامل حواف أفق الأمة 1968 بعد أن أظلمته عتمة نكسة حزيران 1967، وأعادت إليه حشود تموز الأمل والكبرياء ووضعت بذور التفاؤل وروح المقاومة في العراق وشيدت داخله حصون عز ووحدة أرست أسس عيش ومصير مشترك على اصول مبادئ رسالتها الخالدة، والفكر الذي أدى إلى انبثاق تلك المبادئ، كما دمرت في الوقت نفسه اوكار الفتنة الطائفية والمذهبية وطارَدَتْها إلى جحور مظلمة هي التي تَنْسل منها اليوم على شكل عواصف جراد تجتاح الأخضر واليابس وتنشر المناحات والموت الجماعي من شمال العراق إلى جنوبه.
إن الاحتلال المزدوج الذي استهدف ثورة تموز ونظامها الوطني القومي لم يستهدف ثروات بلد غني هو العراق ولا استهدف مركزا حضاريا للأمة هو عاصمة الخلافة الإسلامية وحضارة ما بين النهرين، بل كان استهدافه الأول مُرَكِزا سموم أفاعي وقوارضه على المشروع الفكري والنضالي الذي رسخته ثورة السابع عشر من تموز في ذهن المواطن العربي وجعلته ينظر إليها بكثير من الزهو والروح المعنوية العالية التي تحتاجها الأمة في مرحلة خصاصها المعاصر وخوضها حرب تحررها واستعادة دورها الرسالي ومعركة إظهار مقامها الفريد بين الأمم وإقامة الشواهد على النصيب الوافر الذي كان لها في الماضي وينبغي أن تظل عليه او تتجاوزه في الحاضر والمستقبل في خدمة تقدم الحضارة البشرية ورفاهية المجتمعات.
أيقظ تدمير النظام الوطني العراقي المنبثق عن ثورة تموز شهوة افاعي إقليمية : صفوية مجوسية، طورانية عرقية ، أضيف خطرها إلى خطر أنقاذ الصهيونية والإمبريالية المتربصين تاريخيا بالأمة وخاض الجميع حربه اللعينة على العرب من بوابة العراق وقلاع تشرين التي شيدتها ثورته، ليصبح الوطن العربي بتاريخه الممتد ونسيجه المتنوع وامتداده الجغرافي الفسيح ساحة صراع وسيطرة تتقاسمه هذه الجهات حسب ما يقرره منطق توازن قوتها والمصالح والنفوذ بينها، ولعل الاتفاقات العلنية والسرية المتوالية بين الولايات المتحدة ودولة إيران الفارسية وتمكن الأخيرة في عهد ( الثورة الإسلامية) من ( إنجاز) ما لم تستطع تحقيقه في عهد محمد رضا بهلوي من تفاهم مع الولايات المتحدة سواء في تقاسم النفوذ بالخليج العربي أو تقاسم احتلال العراق وتقاسم مرجعية القوى الحاملة للسلاح والفوضى الخلاقة في المنطقة ، خير دليل على ذلك. ولن يكون بمقدور الأمة مواجهة هذا الحلف القديم المتجدد واستعادة المشروع الوطني والقومي إلا بدعم المشروع الذي احتُلّ العراقُ من اجل القضاء على سناه وتدمير انجازاته، المشروع الذي أرست دعائمه ثورة تموز المجيدة مجسدا اليوم في المقاومة الوريث الشرعي للنظام والدولة الوطنية العراقية، لكون هذه المقاومة ،وهي تَشُدّ ألوية التحدي تمثل عقيدة وسلاحا، النقيض التاريخي للإمبريالية الأمريكية ونقيضا منجزا لكل حاضنة للمد الطائفي وغيره من الطامعين في سيادة العرب والساعين إلى مزيد من تقسيمهم وإخضاع شعوبهم ونهب خيراتهم ونزع سيادتهم لتحقيقٍ دائم لرفاهية غير مشروعة على حساب انين و وصرخات أمة زُرع 1948 في قلب أرضها المقدسة كيانا بغيضا ، ويتواصل مسلسل استهداف أقطارها قطرا بعد آخر. لكنها أمة مهيبة الكبرياء، كانت شهادة على بعثة ابراهيم عليه السلام وصولة الاسكندر ، حاضنة منذ الأبد لمياه النيل ودجلة والفرات ونهر صنهاجة وجبال الأوراس، وصنوبر الشام وسنديان فلسطين وسيال الصحراء..وقادرة في كل يوم ولحظة أن تقذف رواجمها وتفيض دما ونارا في وجه كل محتل وغادر أثيم، وقادرة أن تحشد قواها وتسرع إلى إنجاز المستحيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى