كلمـــة رئيـــس حــزب الإصـــلاح بمنـــاسبـــة افتتـــاح دورة الشهيـــد الطـــاهـــر ولد أحمـــد
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيهـــا الإخـــوة والأخـــوات أعضـــاء المكتـــب السيـــاســـي للحـــزب؛
الســـلام عليكـــم جميعــــا ورحمـــة الله وبــركـــاته..
بداية، أدعوكم للوقوف وقراءة الفاتحة ترحما على روح أخينا الأستاذ والخبير التربوي الشهيد الطاهر ولد أحمد، عضو المكتب السياسي لحزبنا، سائلين الله تبارك وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته إنه سميع مجيب. وقد اخترنا أن تنعقد هذه الدورة المباركة باسمه تذكرا لما كان يمثله من فضائل، وتكريما له لما كان يحظى به من مكانة رفيعة في الحقل المهني والتربوي بشكل خاص سواء على المستوى المحلي أو الدولي. وهي فضلا عن كل ذلك فرصة للترحم على روحه والدعاء له بخير..
الإخـــوة والأخـــوات أعضــاء المكتــب السيـــاسي
نحن في حزب الإصلاح نواصل دخولنا في الساحة الوطنية ونتابع رصد واستقراء تطوراتها البارزة خاصة بعد مؤتمر الحزب الناجح الذي انعقد يومي 20 و 21 فبراير الماضي. وبالرغم من أن تأثيرات جائحة كوفيد-19 قد أثرت بشكل سلبي على الكثير من فعاليات حزبنا خلال الفترة المنصرمة، فقد استمر الحزب في استقطاب المزيد من كبار الشخصيات والمجموعات الوازنة من مختلف ألوان الطيف السياسي والمجتمعي والثقافي في بلادنا؛ إضافة إلى توسع قاعدة الحزب وانتشار بنياته التحتية أفقيا وعموديا على مستوى التراب الوطني..
ونحن في حزب الإصلاح نتابع استمرار رغبة رئيس الجمهورية الأخ محمد ولد الشيخ الغزواني لإصلاح البلاد، وندعم ونثمن جهوده في ما تم تنفيذه حتى الآن في إطار مشروعه المجتمعي؛ فإننا نتفهم الصعوبات والعراقيل التي ما فتئت تعترض سبيله، ولعل من أصعبها هي تركة الفساد وتغلغل المفسدين في جميع قطاعات ومفاصل الإدارة.
وفي هذا السياق، فإننا في حزب الإصلاح يثمن عدم عرقلة الجهاز التنفيذي لمسار التعامل مع ما بات يعرف وطنيًّا بملف الفساد، والتعاطي الإيجابي مع طلبات السلطة التشريعية بخصوص فتح المجال واسعا لمتابعة ومحاسبة الضالعين في هذا الملف الهام.
وفي هذا المقام، علينا أن نستحضر بأن مسؤولية محاربة الفساد واجتثاثه في دولة القانون، إنما تقع على القضاء وحده بعد أن يتعهد ويأخذ رأس خيط التحقيق.. وإنما تكون مسؤولية السياسيين هي متابعة ومراقبة السلطة القضائية، والعمل على إبعاد كل أنواع الضغوط عنها لكي يتسنى لها القيام بعملها بكل حرية ومهنية..وسيظل الأمل معقودا على أن يشتث القضاء كل المفسدين من بلادنا وتبنى فيها راسخة دولة القانون -التي يقودها بأمان فخامة رئيس الجمهورية- والتي لا عاصم فيها للمفسدين مهما كان الخندق الذي يتحصنون فيه من مرافق الدولة والمجتمع..
ونحن في حزب الإصلاح تابعنا بكل اهتمام جهود السيد رئيس الجمهورية من أجل العمل على بناء السيادة الغذائية والسعي لتأمين الحق في الغذاء لكل مواطن، من خلال العناية بإصلاح القطاعات الإنتاجية خاصة الزراعة وتنمية المواشي والصيد البحري.
ونثمن تجاوب وتناغم السيد رئيس الجمهورية مع تنبيهات الكتاب وأصحاب الرأي وتظلمات وتظاهرات المظلومين بغية معالجة بعض القضايا أو التعاطي مع بعض الحالات خدمة للمصلحة العامة للوطن والمواطن؛
مع أننا نحس مع المواطن بحجم ضغوط الواقع، وارتفاع أسعار وتكاليف الحياة اليومية، التي فاقمتها أكثر تداعيات الجائحة وإرث الفساد الذي أدى إلى انهيار المؤسسات التموينية العمومية التي كانت قائمة، وغياب متابعة السوق والرقابة على الاستهلاك والأسعار وتركت المواطن تحت رحمة جشع للبرالية.
دون أن يفوتنا تثميننا عاليا تصريح فخامة رئيس الجمهورية بخصوص العمل على إنشاء آلية عمومية لضمان تموين السوق بالمواد الضرورية لاستهلاك المواطن.
ونحن في حزب الإصلاح نتابع اهتمام السيد رئيس الجمهورية بتوسيع نطاق التشاور (تشاور وطني لا يستثني أحدًا) من أجل المساهمة في خلق نظام حكامة رشيدة تقوم على تعزيز قيم المواطنة والاختيار الديمقراطي الحر، والتداول السلمي للسلطة، بعيدا عن ما قُوبلت به الإرادة التي عبر عنها السيد رئيس الجمهورية من طرف بعض الأوساط السياسية من خلال خطابات تطبعها الحدة بدون مبرر، وتذكي روح الكراهية،وتلوّح بمحاصصات ضيقة بات يرفضها الشعب الموريتاني.
هي مناسبة نعبر فيها بأننا سنشارك في ذلك التشاور حماية لمكتسبات الشعب الموريتاني وتنمية للديمقراطية انطلاقا من القيم السياسية لحزبنا والبرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية ..
مع طموح حزبنا إلى أن يكون هذا التشاور المرتقب لصالح الشعب أولا وقبل كل شيء.. وأن يمس حياة الناس، وأن لا يقتصر على مناقشة أمور الأحزاب أو زيادة امتيازاتها.. كما أن ذلك التشاور لا ينبغي أن يستغل لخدمة النظام السياسي الذي هو أصلا في غنى عنه ولا حاجة له به..وتلك هي إرادة فخامة رئيس الجمهورية..
إننا نتطلع جدياّ إلى أن يكون التشاور المرتقب حوارا مجتمعيا من أجل الجمهورية. كما يتطلع حزبنا إلى أن تخرج البلاد من ذلك التشاور المرتقب، نحو الأفضل.. وأن يُسهم في فرز طبقة سياسية نظيفة اليد واللسان، وخالية من التعصب والانتهازية التي قد تتخذ غطاء لها، كل الألوان القبلية والجهوية والعرقية..
ونحن في حزب الإصلاح لا يفوتنا إلّا أن نذكّر بأننا نتقاسم مع السيد رئيس الجمهورية، في مقدمة القضايا الإستراتيجية، قضية إصلاح التعليم والمنظومة التربوية الوطنية، التي أظهرت كل المؤشرات، خاصة نتائج امتحانات البالكالوريا في السنة الماضية، مدى القصور والعجز الذي وصلت إليه. وهو ما نتقاسم مع فخامة رئيس الجمهورية، ومع الخبراء والمتخصصين في المجال، ما توصلوا إليه من تشخيص لأسباب فشله، والمتمثلة أساسا في قصور المناهج التربوية وعدم استجابتها لحاجيات البلاد؛ وقصور مستوى المكونين وحاجتهم الماسة للتأهيل والتكوين المستمر، إضافة إلى قصور المقاربات المنهجية، وتَيَهان المُربين في نقل أنماط من المقاربات الفنية غالبا ما تكون مستنبتة في بيئات أخرى مختلفة، دونما قدرة على تدجينها وتكييفها مع معطيات ومقتضيات محيطنا المحلي من أجل تعظيم الاستفادة منها.
ولا شك بأن كل هذه الأمور قد أثّرت على انطلاق مشروع المدرسة الجمهورية الذي بشّر به ويطمح إليه فخامة رئيس الجمهورية. ومع ذلك، فقد حرص خلال السنتين الماضيتين على الإشراف شخصيا على انطلاق السنة الدراسية سواء في المناطق الحضرية في أنواكشوط، مقاطعة دار النعيم هذه السنة أو في المناطق الهشة في مقاطعة أمبود بولاية غورغول.
ونحن في حزب الإصلاح نثمن تحسن مستوى الأمن والأمان، وتراجع شبح الجريمة خاصة في الأشهر الأخيرة.. ومع ذلك فإنه لا يخفى علينا أنه مازال يوجد في مختلف أجهزة التدبير العمومي من لا ينتمون ولا يواكبون تنفيذ البرنامج الطموح لفخامة رئيس الجمهورية، بل يعملون على تقويضه.. وهو أمر حساس، نثمن قطعا ما تحقق في سبيل معالجته رغم بطء الوتيرة، ونتفهم صعوبة استئصال الفساد والزبونية والرداءة التي تغلغلت في مختلف مستويات الإدارة على مدى سنوات عديدة..
أيها الإخوة والأخوات في المكتب السياسي
أما على المستوى الخارجي، فنحن في حزب الإصلاح ندعم بكل قوة توجه فخامة رئيس الجمهورية نحو المساهمة في ترميم سياسة بلادنا الخارجية وتعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية بشكل متوازن، يقوم على إعادة رسم أهداف سياستنا الخارجية انطلاقا من تحديد مصالحنا الوطنية،واستقراء التحولات الدولية، والمتغيرات المستجدة داخليا وإقليميا في منطقة تكثر فيها الأزمات والمخاطر المختلفة، بعيدا عن الضغوط الترغيبية والترهيبية.
قد تابعنا في حزب الإصلاح، انتصار الشعب الفلسطيني في مواجهته الأخيرة مع المحتلين الصهاينة الغاصبين لأرضه، خلال شهر رمضان الماضي، من خلال العملية المسماة بـ»سيف القدس« والتي شكلت صفعة شديدة لما يسمى بصفقة القرن.. كما نعتز كثيرا بصمود ودأَب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، الذي أعطوا العالم أكبر درس في البحث عن الحرية من خلال تحرير أنفسهم ولو بالحفر بأظافرهم..
ونحن في حزب الإصلاح نثمن كل الخطوات التي يقوم بها فخامة رئيس الجمهورية في المنطقة من أجل استقرار مجموعة دول الساحل الخمس، ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، والسعي لتخفيف وطئة الدين الخارجي لبلادنا وللدول الإفريقية. (مثل ما تحقق مع مديونية الكويت الشقيقة).
ونأمل- بعدما عاشته مناطق شمال مالي الشقيق من أزمات وحروب وأعمال عنف-أن يتمكن الأشقاء هناك من تطبيق اتفاق السلم والمصالحة المعروف بـ »مسار الجزائر «بما يقضي بشكل نهائي على الأسباب الجذرية للتوتر، ويحقق السلم الأهلي ويضمن حقوق الجميع.
كما أننا في حزب الإصلاح نتابع في منطقتنا المغاربية، التطورات المختلفة، ونرفض كل التهديدات التي يلوح بها الاستعمار القديم، والصهيونية ضد دولة الجزائري وشعبها الأبي.
كما نتطلع بإيجابية إلى أن يكون من شأن تعيين المبعوث الأممي الجديد الخاص بالصحراء الغربية، أن يبادر من أجل العمل على إيجاد حل عادل ومنصف لهذا النزاع المؤسف، يحقق السلام العادل والشامل، وينهي معاناة الصحراويين أينما وجدوا، وبشكل يفضي إلى إعادة تفعيل إتحاد المغرب العربي وتمكين مختلف أقطاره من تحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي فيما بينها..
ودائما في السجل الخارجي، نود أن أطلعكم على أن حزبنا يتطلع إلى استكمال إجراءات الانضمام قريبا إلى تنظيمات حزبية عربية ودولية مثل مؤتمر القوى الشعبية العربية ومنظمة الأحزاب والقوى الاشتراكية على المستوى الإفريقي والعالمي وهي خطوات قد باشرناها نتمى أن تكتمل قريبا.
أيها الإخوة والأخوات في المكتب السياسي
أعتقد بأننا متفقون على الخطوط العريضة لإعادة بناء الكيان السياسي والتنظيمي والتعبوي لحزبنا من خلال بنائه على قاعدة مجتمعية سياسية واسعة وملموسة في الميدان العملي، ووفق منهج تنظيمي قابل للتطور، يكون مُنتجا للأفكار وقادرا على استقطاب الكفاءات والنوعيات المتميزة من المناضلين والمناضلات.
لا بد لنا أن نعمل معا على بذل المزيد من الجهود لكي نستجيب لمتطلبات المرحلة، التي تفرض علينا تفعيل هيئات الحزب المختلفة لخلق الأمل لدى المواطن والاستعداد للاستحقاقات القادمة إن شاء الله.
ونحن من خلال ذلك سنظل نشكل دعامة أساسية للبرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية ومواكبة تنفيذه.
وهي مناسبة أدعوكم فيها إلى أن يكون شعار دورتنا الحالية (أيها المناضل الحزبي…أنت هو الحزب) هو منهاجنا وذلك بجعل مسؤولية الحزب تقع على كل واحد منا من أجل ترسيخ العمل الحزبي ليكون منتظما وفعالا.. لكي يكون الحزب دائما في خدمة مصالح الفئات الاجتماعية والطبقات العريضة من الشعب الموريتاني بمُختلف مكوناتها العُمرية والمهنية على امتداد التراب الوطني، والتي عانت عبر مراحل عديدة من الغبن والتهميش خاصة في أوساط الشباب والنساء والأرقاء السابقين. وليظل الحزب دائما يشكل درعا آمنا وأمينا على رصد تنفيذ البرنامج السياسي لفخامة رئيس الجمهورية.
مرة أخرى، أجدد لكم الشكر والتقدير، وأهيب بكم جميعا للعمل من أجل أن نكون مصباحا منيرا وعونا مفيدا لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، لما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، ويعزز استقرار البلاد وازدهارها المطرد..
والسلام عليكم جميعا.. ورحمة الله وبركاته..