شفافية اﻷنتخابات
عبدو سيدي محمد
سلمت المعارضة الديمقراطية التقليدية عريضة المطالب المتضمنة لخارطة مسار المشاركة في اﻷستحقاقات الرئاسية المقبلةأقول سلمت مجموعة تكتل اﻷحزاب الوثيقة إلى وزارة الداخلية في ظروف شبه معقدة و أفق رؤية محدود و أحتمالات ضئيلة ان لم تكون معدومة في تقارب وجهات نظر الفرقاء السياسيين مما ينذر بأنتخابات عصيبة في ظل التجاذبات و المناوشات و المواقف المتباينة.
فالرئيس أعلن عن مرشحه أو على اﻷرجح خليفته حسب مقياس و معيار لم يعلن عنها فخامته و بدون أي رجوع إلى مظلة الحزب الحاكم. في حين لا زال موقف المعارضة يلفه الغموض مع تواتر أخبار حول خلافات عميقة داخل أحزاب المعارضة الكبرى (التكتل و تواصل) و ان كانت اﻷسباب واضحة و جلية للتصدعات داخل حزب النظام فهي أزمة قديمة متجددة و تفاقمت بعد اﻹعلان اﻷحادي الطرف عن المرشح أو خليفة الرئيس التوافقي. أن دواعي اﻷزمة الصامتة في رواق أحزاب المعارضة غير واضحة رغم شيوع عزوف القيادات الكبرى عن الترشح رغم تشكيل لجنة رفيعة المستوى لهذا الغرض لكن و حسب معلومات غير رسمية تعود إلى مصادر شبه مطلعة على خفايا المنتدى فالسبب ربما يعود إلى البحث عن مصدر تمويل للأنتخابات من خلال شخص مقبول لدى رجال المال و النفوذ و دعمه حتى و لو كان من أوساط النظام و تحدثت بعض المواقع اﻹعلامية و منصات التواصل اﻹجتماعي إلى لقاءات أفتراضية سرية بين الزعيم ولد داداه و الجنرال خليفة أو مرشح الرئيس المفترض نفتها بقوة مصادر مقربة من قيادة التكتل.
مطالب المعارضة بشفافية اﻷنتخابات و تشكيل لجنة أنتخابات مستقلة و محايدة و توافقية في هذا الظرف بالذات هي من الشروط التعجيزية لعدة أسباب منها أحتمال إقالة وزير الداخلية الحالي الذي يقوم بزيارة باهتة في جولة شبه أنتخابية لجص نبض ولايات الداخل حول مرشح الرئيس باﻹضافة إلى تصريحات رئيس المستقلة ( الذي غادر عالم مارك اﻷزرق ) بعيد لقاء فخامته .الناحية الثانية أي تشكيل جديد للجنة هو تغيير جذري لفريق العمل و ربما تطال المجلس الدستوري و هي أمور ليست من أهتمامات فخامته و لا في صالح اﻷغلبية التي تتحكم في المنافذ و المعابر اﻹدارية و التشريعية.
إذن عريضة مطالب المعارضة ربما من باب تذكير بالوجود و تمويه سياسي و مرواغة مدروسة في ظل طفو خلافات اﻷغلبية إلى السطح و نشر الغسيل و ربما تهديد مبطن لقدرة المعارضة على فرض القانون و أحترام الدستور و لو بعد حين و هي إشارة بليغة إلى النظام المنتهي الصلاحية إلى إمكانية التقاضي.على وجه الخصوص ظهور كتلة شبابية و كوكبة من المثقفين المستقلين التي تروج لفكرة الحق لا يسقط بالتقادم
و مع أتساع الهوة و أشتداد المعارك السياسية الطاحنة في ساحة وطنية معروفة بالشد و المد و التمدد و اﻷنكماش و بذاكرة ضعيفة سرعان ما تنسى من كان يحكم ليصبح في خبر كان و نسيا منسيا. هذه اﻷمور ضمن أخرى تجعل المعادلة الرئاسية مستحيلة الحل ديمقراطيا على اﻷقل و بالتالي قد تكثر الوسائل و الحلول لكن الحل الوحيد الصحيح هو تناوب سلمي للسلطة و أنتخاب رئيس يقودنا نحو دولة مدنية مزدهرة.
لا شك ان الوضع محرج و اﻷوضاع الوطنية و اﻷقليمية و الدولية مترابطة ومتشابكة و ظاهرة اﻷستقطاب تفرض نفسها خاصة بعد بروتوكول الشركة اﻹماراتية لتسيير مطار أم التونسي و زيارات الرئيس المتكررة للإمارات دون اﻹعلان عن أهدافها سوى قصاصات إعلامية حول تنفيذ مشاريع آبار أرتوازية بتمويل إماراتي لكن تداول أخبار مبشرة عن أستكشاف أحتياطات هائلة من الغاز في اﻷراضي الموريتانية و قيادة موريتانية بارزة لقوات الساحل ربما هي الداعي اﻷساسي للتقارب الموريتاني اﻹماراتي. فهذه اﻷخيرة تبحث عن موطأ قدم في قوة الساحل و نصيب في كعكعة الغاز و ربما لمنافسة النفوذ القطري في مالي و الدعم اللوجستي السخي لقوات الساحل التي لا تزال متعثرة و تنتظر التمويل الغربي.
ختاما نحن أمام حقبة حاسمة و معطيات تفرض نفسها و ليست نتائج اﻷنتخابات سوى جزء من المشكل و ليست جزء من الحل و ربما نشهد مفارقات عجيبة و غريبة من قبيل رئيس من اﻷغلبية بحكومة معارضة أو رئيس معارض بحكومة أغلبية و السيناريوهات المدهشة لا زالت تتشكل حسب مزاج و مصلحة و براغماتية الطيف السياسي و أصحاب القرار لكن لا أحد يضمن أو يجزم الفوز إلا بعد صفارة نهاية الماتش عندها نقوم بعملية إحصاء للبطاقات اللاغية و الملغية و الحمراء و الصفراء.
عبدو سيدي محمد
بتاريخ 11 فبراير 2019