بأي لغة سيخاطب المترشح الناخبين؟
باباه ولد التراد
في موريتانيا عادة لا يتحدث المترشحون للجماهير في المهرجانات الانتخابية إلا بلغاتنا الوطنية ولا يخاطبونهم بلغة المستعمر التي لا يفهمونها ، لأنهم في تلك اللحظة يسعون لكسب ودهم، قبل أن تتنكر زمرة من المترشحين للغة الرسمية مهرولة إلى اللغة الفرنسية، عندما تنجح في الانتخابات ، لاعتبارات بعضها ناجم عن نقص في الوطنية والوفاء للغة التي نجحت بها (لحم الرگبه موكول ومذموم)، وبعضها بسبب الجشع والخنوع ، وبعضها متعلق بالجبن الذي يعتقد صاحبه أن فرنسا يمكن أن تبطش بالبلد في حالة التخلي عن لغتها! ناسيا أن الدولة الفرنسية اليوم أصبحت شبه دولة من العالم الثالث، تجر أذيال الهزيمة في إفريقيا، التي تأكدت أن اللغة الفرنسية لا مستقبل لها.
ومع ذلك فإن المترشح الذي يدرك أهمية الوفاء للوطن ويجسد شرف النفس وكرم الأخلاق ويستجيب لتطلعات وطنه ويعلن على الملأ انحيازه للغة العربية ويسعى لاستقلال البلاد عن لغة الأجنبي سيكون محل احترام وتقدير ويكون له ذلك الجهد الكبير دينا مستحقا في رقاب الناخبين، وسيستخدمون كل الوسائل من أجل نجاحه.
وبخلاف ذلك فإن المترشح الذي لا يولي أهمية لمسألة اللغة العربية سوف يحاسبه الناخب الموريتاني ويقف ضد فوزه بشتى الطرق، بما في ذلك، تذكير الجماهير بتهميشه للغة القرآن، لكي يصطف ضده المواطنون بكافة مكوناتهم مع طلبة المحاظر الذين يدركون أن أي مترشح لا يتعهد بتعريب التعليم والإدارة سوف يكون خطرا على مستقبلهم العلمي والديني والاقتصادي والسياسي .
ذلك أن من أهم المشتركات الكثيرة التي تربط العلاقات الحميمة بين مكونات شعبنا هي الدين الإسلامي الحنيف ، واللغة العربية التي يتمسك بها الجميع حتى الرمق الأخير .
لذلك فلا غرو إذا كانت اللافتات التي استقبل بها أهلنا في الضفة أحد المترشحين لرئاسيات 2019 – كما شاهدتم من قبل – مكتوبة فقط باللغة العربية وخالية تماما من أي لغة اجنبية ، وكأنهم يقولون نحن نطالب بالتعريب الكامل ، ونريد منكم احتراما لديننا الإسلامي وموروثنا الحضاري أن ترفعوا من شأن لغة القرٱن الكريم ، وأن تحترموا الدستور الذي
ينص في المادة 6 على أن “اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية. اللغة الرسمية هي العربية”.
ومع ذلك لابد من النظرإلى أهمية اللغة العربية لأنها تُعد مفتاح الأصلين العظيمين؛ الكتاب والسنة فهي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى أسرارهما، وفهم دقائقهما، ولهذا السبب عني السلف بعلوم اللغة العربية، وحث على تعلمها، والنهل من عبابها.
يقول أمير المومنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ـ : “تعلموا العربيةَ فإنها من دينكم “، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ” فإن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب؛ فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،.. وأن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدينِ تأثيرا قويا بينا، ويؤثر أيضا في مشابهة صدرِ هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق”.
وخلافا لذلك فإن الجهل باللغة العربية من أسباب الزيغ والضلال لذلك يعتبربعض العلماء الموريتانيون أن تفشي ظاهرة الإلحاد مؤخرا في بلادنا قد يكون مردها أساسا هوالجهل باللغة العربية ، والإقتداء بشخصيات ملحدة ، والركون إلى ثقافات فجة ورخيصة ،أملتها لغات أجنبية لها باع طويل في محاربة ديننا الإسلامي الحنيف ولغته الخالدة .
.