تسوية أوضاع العمال غير الرسميين.. نقلة نحو عدالة اجتماعية شاملة

الولي سيدي هيبه

يمثل القرار المستنير بتسوية أوضاع العمال غير الرسميين في مختلف القطاعات منعطفاً حاسماً في مسار بناء دولة القانون والعدالة الاجتماعية. هذا الإجراء ليس مجرد تصحيح لوضعية قانونية، بل هو إعادة تعريف لعلاقة الدولة بالمواطن، وتكريس عملي لمبادئ الكرامة الإنسانية والإنصاف بعد عقود من التهميش والإقصاء.
قطاع الإعلام: إنصاف حاملي رسالة الحقيقة
ظل قطاع الإعلام لسنوات طويلة يعاني من تناقض صارخ؛ بين سامي رسالته النبيلة في نقل الحقيقة والواقع المرير لأكثر من ألف وخمسمائة عامل يعيشون خارج نطاق الاعتراف الرسمي. هؤلاء الذين كرسوا أقلامهم وعدساتهم وأصواتهم لخدمة الصالح العام، حُرموا من أبسط حقوقهم في التوثيق الوظيفي والضمان الاجتماعي. اليوم. يُسدل الستار على هذا الفصل المؤلم، ليبدأ عهد جديد من العدالة والاستقرار.
قطاع الطاقة: اعتراف بجهود محركي عجلة التنمية
وفي قطاع الطاقة، الذي يعد شريان الحياة للاقتصاد الوطني، ظل مئات العمال يعملون في ظروف غير إنسانية، محرومين من الضمانات القانونية رغم دورهم المحوري في دفع عجلة التنمية. هذا القرار يُمثل اعترافاً رسمياً بجهودهم، ويُترجم الإرادة السياسية لقيادة البلاد في تصحيح اختلالات الماضي.
إرادة سياسية صادقة وقيادة رشيدة
جاء هذا القرار تنفيذاً للوعد الذي قطعه رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وتكليفاً مباشراً من الوزير الأول، السيد المختار ولد أجاي، لمتابعة تنفيذه. وهذا يؤكد أن الدولة جادة في الانتقال من مرحلة الشعارات إلى مرحلة الأفعال، عبر إجراءات ملموسة تُعيد الثقة بين المواطن ومؤسساته.
الأبعاد الاستراتيجية للقرار
1. ترسيخ العدالة الاجتماعية كأساس للسياسات العامة، وضمان تكافؤ الفرص.
2. تصحيح الاختلالات الهيكلية الناتجة عن سياسات الإقصاء السابقة.
3. بناء سوق عمل عادل يقوم على الحقوق والواجبات، لا على المحسوبية والولاءات.
4. تعزيز الإنتاجية عبر إدماج الكفاءات في القطاع الرسمي، مما ينعكس إيجاباً على المسار التنموي الوطني.
التحديات وضمانات النجاح
رغم الأهمية البالغة لهذا القرار، فإن نجاحه مرهون بـ:
-الشفافية في إجراءات التسوية وشموليتها.
-المتابعة الصارمة لضمان تنفيذ القرار على أرض الواقع.
-إشراك النقابات والمجتمع المدني في الرقابة والتقييم.
نحو عقد اجتماعي جديد
ليس هذا للحظة الهام مجرد إجراء إداري، بل يشكل لبنة أساسية في بناء عقد اجتماعي جديد، يُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن على أساس الحقوق والواجبات. إنها رسالة واضحة بأن موريتانيا الجديدة ماضية في التعهد بأن لا تترك أحداً على قارعة الطريق، وأن العدالة الاجتماعية ستكون العنوان الأبرز لمرحلة التأسيس لدولة القانون والمؤسسات. حيث:
-المواطن شريك في التنمية، لا مجرد متلقٍ للخدمات
-العدالة ليست شعاراً، بل التزاماً دستورياً وإنسانياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى