” جملة من الإصلاحات الضرورية والمستعجلة “/الدكتور السالك ولد محمد المصطفى ولد اعل سالم

إن موضوع الحج والعمرة موضوع ذو أهمية بالغة لدى المسلمين في جميع أنحاء المعمورة لما فيه من البعد الديني والروحي عند المسلمين عامة ولما تحظى به الأراضي المقدسة خاصة من مكانة وتقديس عند المسلمين حيث فضلها الله تعالى على جميع بقاع الأرض .
لذلك كان التوافد على الحرمين الشريفين غالباما يكون بأعداد هائلة من الوافدين من مشارق الأرض ومغاربها من الذين يريدون من الله المغفرة وصلاح الدنيا والآخرة ومن الذين يتاجرون مع الله تعالى حيث التجارة لن تبور .
وفي هذا السياق يتنزل هذا المقال حول موضوع الحج والعمرة من لدن الدولة الموريتانية حيث أننا سنسلط فيه الضوء على نقاط إصلاحية جذرية هامة واقتراحات بحلول مرضية جوهرية تتعلق بتنظيم الحكومة الموريتانية لهذه المشاعر الدينية العظيمة .
أولا :
_ إنشاء كتابة دولة خاصة بالحج تابعة للوزارة الأولى .
_ تعيين متخصصين في ذات المجال في جميع إداراتها ومجالاتها، وفتح المجال أمام وكالات السفر والعاملين في المجال حتى يقع التنافس الإيجابي لصالح المواطن الموريتاني .
_ تعيين لجنة إدارية لتقويم الحج سنويا لأجل تفادي الأخطاء ولمعالجة مشاكل الحجاج معالجة حقيقية .
ثانيا :
_ إن تعذر إنشاء كتابة دولة خاصة بالحج تابعة للوزارة الأولى فإن على الحكومة الموريتانية إنشاء وكالة مستقلة تابعة لوزارة السياحة تُعنى بملف الحج والعمرة، وذلك باعتباره سياحة دينية تستحق أن تعنى بأفضل وسائل النقل الجوي والبري ،
_ أن تكون وزارة السياحة هي الوزارة الوصية على هذه الوكالة نظرا لما تتمتع به من خبرة طويلة وتجربة مختلفة نادرة .
وهذا ما سيجعل الحاج الموريتاني أكثر راحة وأحسن ظروفا لاسيما في المواضيع ذات الازدحام، كما سيكون له انعكاس ظاهر على التكلفة العامة بانخفاض السعر وعلى الدقة في مواعيد الذهاب والإياب المناسبين هنا وهناك .
وعلى صعيد الإقامة في الفنادق والمخيمات اللائقة أيضا ، فوزارة السياحة لها تعامل دائم طيلة العام مع الفنادق وشركات التأثيث والسكن المتنقل مما يحتاجه الحاج أيام منى ويوم عرفة مع ظروف معيشية من وجبات مألوفة ومتنوعة وممتازة وصحية تراعي أحوال المرضى وكبار السن وفي أوقاتها المناسبة.
وكذلك ضبط السكن بكونه متسعا مستقلا مجهزا بأسرّة غير متلاصقة وفيها شبكات الاتصال ( الانترنت ) وحمّامات نظيفة مع جعل الشقق الأرضية لكبار السن وأهل الاحتياجات الخاصة ، والفصل بين الرجال والنساء مما يُظهر سلوكا دينيا وأخلاقيا لاسيما في الأما كن المقدسة وأمام أعين العالم كله .
وتعيين المطوّف من الرجال والنساء وأخذ عنوانه والاستماع إلى نصائحه وإرشاداته وأخذ الحيطة والحذر لاسيما عند تقاطع الطرق ، والاتصال بالمطوّف عند أبسط وجود مشكلة أو التباس في الطريق .
وقد أشرت بهذه الإصلاحات الجوهرية إلى أحد وزراء الشؤون الإسلامية فأبدى تقبله لها وأظهر إعجابه بها، لأن وزارة الشؤون الإسلامية أظهرت عجزها وأبدت فشلها في تنظيم الحج طيلة السنوات الماضية في كل الميادين مما تسبب في كوارث في مجال النقل والسكن حيث تزدحم الغُرف ويكون بعض الأسرة على بعضها مما ينشأ
عنه مشادات كلامية ومضاعفات في الإرهاق لاسيما عند المرضى وكبار السن .
كما تكون الباصات في الغالب غير متوفرة في الوقت المناسب ، وفيها ازدحام فبعضهم لايجد مقعدا ويظل واقفا ماسكا بيديه جوانب الباص وبعضهم يفضّل السير على الأقدام رغم طول المسافة .
وبالنسبة لظروف المعيشة فهي أسوأ حالا من كل ما سبق لاهي تُسمن ولاهي تُغني من جوع ولاهي مألوفة ولافي وقتها المناسب ، ولاهي كافية لشخص واحد ومع ذلك تُقدم للجماعة ولا تراعي ظروف الناس ولا تباين أحوالها .
أما المطوّف فهو حبر على ورق
ولذلك كثيرا ما تسمع بلاغات من الوطن ومن الأهل يُطلب ممن عثر على حاج اسمه فلان أوفلانة فقدنا الاتصال به منذ يومين أوثلاثة..
وأعتقد أن هذا كله راجع إلى إسناد ملف الحج والعمرة إلى وازرة الشئوون الإسلامية وهو أقرب _ حقيقة _ من الناحية الموضوعية إلى وزارة السياحة من وزارة الشؤون الإسلامية .
ومثل ذلك إفطار الصائم المسنود إلى وزارة الشؤون الإسلامية ففي كل مرة تقع أخطاء وشكاوى في التقسيم وفي الاستحقاق وفي
التاخير لاسيما في المناطق البعيدة
فالأولى به هو وزارة الشؤون الاجتماعية المسؤولة عن المجتمع ومساعداته وهي صاحبة الاختصاص .
فهذه جملة من الإصلاحات العملية البسيطة التي يمكن تطبيقها في هذا السياق ، وإن تعذر على الحكومة في الوقت الحالي إنشاء كتابة للدولة أو وكالة خاصة بالحج والعمرة فمن الأحسن أن ينتزع ملف الحج من وزارة الشؤون الإسلامية التي لم تقدم فيه شيئا يذكر، والصواب ضمه إلى وزارة السياحة باعتباره سياحة دينية ووزارة السياحة أكثر تخصصا فيما يخص الطيران و وكالات السفر وكراء الفنادق والحافلات إلى غير ذلك من المسائل التنظيمة واللوجستية ..
وفي سنة ماضية جمعني لقاء مع أحد الزملاء كان أنذاك وزيرا للشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي اقترحت عليه نفس الاقتراح وهو أن الوزارة عاجزة عن متابعة بعض الملفات التي لا علاقة لها بها مثل الحج الذي يجب أن يكون تابعا لوزارة السياحة وافطار الصائم الذي هو عمل اجتماعي بحيث يجب أن يكون تابعا لوزارة الشؤون الاجتماعية وإدارة الأوقاف التي من المفترض أن تكون مديرية كبيرة أو وكالة مستقلة إداريا وماليا عن الوزارة حتى يتسنى لها القيام بمهامها الجسيمة، فتبعيتها لوزارة الشؤون الإسلامية شلت حركتها وأفقدتها القدرة على البحث عن استثمارات أجنبية وشراكات كان من المفترض أن تحصل عليها لو كان القائم عليها متخصصا ومستقلا في قراراته الإدارية والمالية عن وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي .
وهذا مما يخفف الضغط أيضا على الوزارة حيث تبقى في هيكلتها إدارات التوجيه الإسلامي والمساجد والمحاظر .