البسطامي كمال: عراقة النبل وأصالة الاختلاف/ بقلم لعزيزة البرناوي
ظل قصر فرساي لقرون عديدة، متبجحا بأصالته دون منافس على تل التاريخ الأوروبي، تصهل حوله ذاكرة حافلة بالملاحم الخالدة على خد خارطة الزمن المتحركة، غير آبه بمجاثم العابرين و لا مساكن القاطنين المبعثرة حول أسواره.
لكن ولأن دوام الحال مهمة شبه مستحيلة حسب القوانين المنظمة للكون، بزغت في نعومة انحناء خصر (فرساي) قلعة أبي العباس مسكه بن باركلل، القادمة من مدن الريح الحمراء، ممتطية أعاصير الرمال الذهبية للشمال الغربي لإفريقيا الخشنة، يطوق رماة رماح الفضيلة محيط صدرها، و يتحلق خميس حماة المجد الجرار حول حصنها المنيع، و تتراقص صحائف مآثرها الباذخة أجراس فخر على مآذنها، و تتربع على تاجها تماثيل العراقة المخلدة لمجد ملوكها، المتميزين بتفرد كل منهم عن الآخر بفضائله الخالصة، و مناقبه الأصيلة، و سيرته المحررة في سجل الأبهة: بصمة حصرية له..
مهلهلين بذلك معنى فريدا لتوارث الاختلاف، دون إخلال بمنسوب المجد المستمر بلا انقطاع في تسلسل ولاة عهد مملكتهم المقدسة.
فالماجد الشاب المهندس البسطامي كمال _مثلا _ يجسد في بساطة مظهره العصري، وجه الحاضر المُقلم بمبارد العولمة، لكنه يحمل في بصمته الوراثية شفرة العراقة التي تقوده نحو عروش السيادة، مجسدا نصيبه من مهمة أجداده، لمواصلة بسط أجنحة السؤدد و العظمة في صحن الخلود، يمشي في ذلك المسار ملكا، كوالده مربي الأجيال الشيخ حفظه الله، ثم جده الزعيم محمد باركلل، ثم جده القائد كمال، ثم جده النابغة الأعجوبة البخاري، ثم جده القطب الفلالي، ثم جده الأسمى إمام و سلطان أقرانه و من سبقهم و من تبعهم: الشيخ مسكة الخير بن سيد سادات المجد و المروءة و السيادة باركلل.. رحمهم الله جميعا.
إنها السلسلة الذهب التي تجلت فارعة في البيت العامر لأهل كمال بباريس، حيث أقمتُ خلال الأسابيع الماضية، قرب قصر لويس الرابع عشر بفرساي، لتخطف منه بريق العراقة، و تنتزع من فوقه أعلام الأصالة، متمددة في كبد العلا باخرة عز و شرف، تشق عباب أزمنة العار، و تمزق شباك اللؤم، و تكسر حواجز النقيصة، يضرب ربانها الحالي ابن خالتي _البسطامي كمال_ لسلالته بعصا سخائه وجه الخلود، ليشق لمجد أسلافه طريق عبور ذهبي نحو أزمنة جديدة، ستستمر أجيالهم اللاحقة خلالها عزف سمفونيات عظمتهم و قرع طبول عزتهم في مفازات الأزلية و فضاءات الأبدية.
البسطامي ولد كمال عش طويلا يابن خالتي _الجميلة الكريمة العابدة الزاهدة السخية_ بأصالة معدنك و سمو طينتك و عمق جذور منبتك النبيل، فتلك حصتك من فضائل الكون و مجد الخلود.