تفاقم العنف الأسري خلال جائحة كورونا/ حنان احمد الولي

العنف الأسري هو نمط من السلوكيات المسيئة والقسرية، ويشمل الاعتداء الجسدي، والجنسي والنفسي، وهو شائع في المجتمعات التي تعاني من الفقر والجهل اكثر من غيرها.
خلال جائحة كورونا ونظراً لفقد الكثير من معيلي الأسر لاعمالهم ومصادر دخولهم، تفاقمت ظاهرة العنف الاسري داخل المنازل.
ارتفاع الضغط النفسي وقلة الحيلة قد تؤدي في بعض الاحيان الى تحول الانسان الا وحش كاسر. نموذجنا التالي يوضح قساوة الحال على من يعيشون هذه الظروف :
تقول م أ ح 18 سنة من مدينة انواذيبو
“عودني أخي الكبير على الانصياع لأوامره منذ وفاة أبي فقد أصبح حينها هو الذي ينفق علينا”.
كنت أغسل ملابسه وأطهو الطعام الذي يريده وحين يتغير قليلاً عن ما يتوقع يُهينني ويهم بضربي.
أسهر معه في الليالي التي يزوره فيها رفاقه لأصنع لهم الشاي الذي لا يملون من شربه الكأس تلو الأخرى حتى يقترب الفجر “.
وتضيف “لكن ماقبل كورونا كان جنة مقارنة بما حصل لي في فترة الحجر العام الماضي، فقد لزم أخي البيت بعد أن خسر عمله في المطعم وأصبح عمله مراقبتي وإهانتي وضربي لأتفه الأسباب.
في ليلة من ليالي الحجر كنت أهم بطهي العشاء لكني فوجئت بأن قنينة الغاز قد نفدت وليس لدي فحم، تسللت إلى الجيران لعلي أجد من يساعدني لكني عدت خائبة، لم يعد لدي إلا ان أخبر أخي واواجه غضبه … غضب بالطبع ودخل نوبة سب وشتم انتهت بضربي بوحشية مستعينا بأداة فسقطت على الأرض مغميا وجسدي ينزف من أماكن مختلفة صرخت أمي لأنه لم يتوقف عن ضربي حتى بعد أن فقدت وعيي حينها جاء الجيران وذهب بي أحدهم إلى المستشفى الذين رفضو أن علاجي قبل حضور الشرطة. حين استفقت في المستشفى وجدت أمي بقربي وقبل أي شيء طلبت مني أن اقول بأني سقطت وأن لا أبلغ عن أخي، ففعلت بروراً لها.”

حوراء حميدة مسؤولة لجنة حقوق الإنسان في هيئة الساحل :
“من المعروف بأنه في الأوقات الأزمات والحروب، في الأوقات التي تمر البلدان بأزمات تتعرض الفئات الهشة دائما لظروف قاسية وعنف داخلي وجائحة كورونا كانت من أقسى الظروف الغير طبيعية التي عرفها العالم، فقد كان من الطبيعي أن ينتج عنها ضغط شديد يعود بشكل سلبي على هذه الفئات الهشة وخصوصا النساء والأطفال.
من الملاحظ وجود العديد من المبادرات والحملات لوقف العنف المنزلي في ظل الجائحة ولدعم هذه الفئات، ورغم كونها خطوات مهمة الا أن العنف المنزلي ظل في تصاعد وقد شهدنا في الفترة الماضية جرائم عديدة في أشكال مختلفة وأغلبها ضد النساء من قبل فرد من الأسرة سواء كان زوجا أو أيا أو أخا.
” للاسف في المجتمع الموريتاني نعاني من تطبيع مع العنف بشكل عام سواء لفظي أو جسدي، حتى لو كان على مستويات متفاوتة. فلا تزال الضحية تعاني من تكتم محيطها والتستر على الجاني والعثور على تبريرات له خصوصًا في ما يخص النساء.
في الأخير نحتاج للمزيد من التوعية والعمل على مساعدة الضحايا، توجد منظمات حقوقية تعمل وتساعد من خلال مرشدات اجتماعيات ومن خلال المؤازرة القانونية لكن لا تزال هذه المنظمات غير قادرة على تغطية الحالات، والحملات التي تقوم بها السلطات لا تجد الصدى الكافي داخل المجتمع، فلا الضحية تؤمن بالقوانين لتخليصها ولا الجاني يخاف من رادع”.
الباحث الاجتماعي محمد احمد ولد اموّه يقول :
“إن العنف الأسري ظاهرة اجتماعية، من أكثر الظواهر انتشارا وأخطرها على تماسك الأسرة والمجتمع، وقد عَرف العنف الأسري انتشارا كبيرا مع ظهور وباء كوفيد الذي فرض على الأفراد البقاء وقتا طويلا فى المنازل محاطين بضغوط الحياة ومشاكلها التي تضاعفت، وظاهرة العنف الاسري تهدد الاستقرار الاجتماعي بشكل كبير ولها آثار نفسية سلبية خصوصا على النساء والأطفال، وبالتالي يحتاج المجتمع إلى وسيلة أو آلية للحد منها من أجل استمرار الحياة الأسرية دون خوف أو قلق من ما تسببه هذه الظاهرة”.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى