محاكمة العشرية:ولد حدمين يرد على أسئلة المحكمة
بدأ رئيس المحكمة المختصة في جرائم الفساد القاضي ،عمار ولد محمد الأمين ،في جلسة المحكمة المسائية، استنطاق ثاني المتهمين في”ملف العشرية”، الوزير الأول الأسبق يحي ولد حدمين، وذلك بعد استكمال استنطاق الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، والأسئلة الموجهة له.
واستدعى رئيس المحكمة ولد حدمين للجلوس على كرسي أمامه، وأخذ معلوماته الشخصية قبل أن يتلو عليه التهم التي على أساسها تمت إحالته إلى المحكمة.
وكانت قائمة التهم هي المشاركة في: “تبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية، واستغلال النفوذ، وإساءة استغلال الوظيفة، ومنح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، والإثراء غير المشروع”، وأبلغ رئيس المحكمة الوزير الأول الأسبق بأن المحكمة تريد أن تسمع ردوده على هذه التهم بشكل إجمالي.
ولد حدمين نفىى التهم جملة وتفصيلا، ووصفها بالتهم الباطلة، والتي لا أساس لها من الصحة، مؤكدا أنه من بين موريتانيين قلائل تقلدوا وظائف فنية سامية، وأنه منذ 1989 ودخله الشهري في حدود مليون أوقية، وذلك في وقت كانت رواتب الوزراء في حدود 100 ألف أوقية.
وأضاف: وقد عملت لمدة أربع سنوات خلال هذه الفترة، وأنا مهندس صيانة في الشركة الوطنية للصناعة والمناجم “اسنيم”، وخمس سنوات وأنا مسؤول عن كافة مشتريات اسنيم، و21 سنة وأنا مدير لشركتين من أهم الشركات التابعة لها، وهما “ATTM”، و”صومار”.
وأكد ولد حدمين أن كل هذه الوظائف شغلها دون أي تدخل من أي كان، وأن مساره المهني نظيف.
وقد صرحت بكل ممتلكاتي في الملف الموجود بين أيديكم، وهي:
– منزل في سوكوجيم بنواذيبو، حصلت عليه من خلال قرض من شركة “سنيم” 1994.
– منزل في نواكشوط أقيم فيه، وما زلت أسدد أقساطه للبنك
– منزل ثالث متواضع في نواكشوط كنت أسكنه قرب السفارة الأمريكية
وهنا أتساءل عن سبب وجودي أمام محكمتكم، وأجد أن الإجابة تتلخص في ثلاثة ملفات، سأستعرضها بالتفصيل.
وقبل ذلك أشير إلى أن مسار استهدافي بدأ من أول يوم، فلجنة التحقيق البرلمانية مكونة من شخصيتين لهما سابقة فساد، وشخصيتين محل متابعة قضائية، وثلاثة أعضاء من المعارضة الشرسة التي كانت على محل خلاف قوي معنا، ومن الطبيعي في لجنة كهذه أن تستهدفني.
وقد سمعتم في التسريبات يتحثون عن إضافة هذا الشخص أو هذا الملف، واستبعاد هذا الشخص أو هذا الملف، وكما ذكرت لكم سابقا فطيلة مساري المهني لم أتصل بأي كان، ولم ألجأ لأي وساطة، وبطبيعة الحال فلم أتصل بأعضاء اللجنة ولم أحاول ذلك، كما فعل غيري.
وعودة إلى الملفات، فهي، ملف المطار الجديد، والثاني دمج شركتي “ENER”، و”ATTM”، والثالث ملف بناء المدارس، وستلاحظون معي في كل هذه الملفات مدى استغراب وجودي فيها.
الملف الأول هو المطار الجديد، وسأجيب فيه على ثلاثة أسئلة هي ، السؤال الأول: حول الحاجة للمطار، والسؤال الثاني عن التكلفة، والسؤال الثالث مدى قانونية الصفقة.
وبخصوص السؤال الأول، فقد كان لدينا مطار قديم، لا يمكن أن يستقبل إلا نوعا محدودا جدا من الطائرات، و15% من وقته لا يمكن للطائرات أن تنزل فيه، فضلا عن مخاطر وجوده الأمني، والخطر الذي يمكن أن يتسبب فيه، وكذا تأثيره على السير داخل المدينة.
وقرار بناء مطار جديد لا يعود لهذه الحكومة، وإنما لحكومات سابقة، وهي حاجة قديمة متجددة، وجدناها أمامها، وكانت تزداد إلحاحا، وهو ما جعلنا نعمل على تلبية هذه الحاجة التي كانت قائمة في فترة حكومات سبقتنا وعجزت عنها.
وقد تمكنا من بناء مطار بمدرجين، وبتكلفة مقبولة نسبيا، مقارنة بالسنغال المجاورة التي بنت مطارا من مدرج واحد، وكلفها 600 مليون دولار، ولم يكتمل، واضطرت لمنحه لشركة أخرى لإكماله مقابل تسييره لمدة 30 سنة.
كما كان هناك مطار أقيم في طهران بدولة إيران وبتكلفة مليار دولار.
وهنا سأنتقل إلى السؤال الثاني، وهو التكلفة، فقد كنا أمام خيارين، أحدهما أن نوفر من ميزانية الدولة مليار دولار، أو نقترضه من الخارج، وذلك في وقت كان سقف طاقتنا الاقتراضية في حدود 200 مليون دولار، وكان أخذنا لهذا الخيار يعني توقف مشاريعنا لأننا سنستنفد طاقتنا من القروض لسنوات في مشروع واحد، وطبعا استبعدنا هذا الخيار.
أما الخيار الثاني – يضيف ولد حدمين – فهو الاعتماد على ميزانية الدولة، والتي لم تكن تسمح بذلك.
وفعلا استدعاني رئيس الجمهورية حينها أنا وسيدي ولد التاه [وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية]، وأخبرني أن الوزير سبق وأن وقع اتفاقيا مبدئيا مع شركة [النجاح] للتفاوض معها لإنشاء مطار جديد مقابل مقاضية الأراضي، وفعلا ناقشنا معها الأمر، وكان اختصاصه الجانب المالي، واختصاصي الجانب الفني.
وقد انشغلت بالجانب الفني، أي نوعية التربة، والمدرجات، وشكل المطار، ونوعية الطائرات التي يستقبل، فيما كان يعنيه هو الجانب المالي.
والقطع الأرضية التي تمت مقايضتها بالمطار الجديد، كانت منها 150 هكتارا في مقاطعة تفرغ زينة، وبجنبها مساحات منحت كاقتطاعات ريفية لنافذين دون أن تستفيد منها الدولة، ودون أن يساءل من منحها أو منحت له.
وكل من يغادر نواكشوط اليوم عبر أي طريق من الطرق المؤدية إلى الداخل سيلاحظ مساحات واسعة تم منحها لنافذين عبر اقتطاعات ريفية، ودون أي مردودية على الخزينة العامة، كما حضرت أمام محكمتكم محامية تحدثت عن قطع أرضية تبلغ مساحتها 650 هكتارا، وتم منحها منحها بـ800 مليون أوقية، أي أن سعر المتر أقل من 200 أوقية، ولم تعتبر هذه القضية فسادا، وقد رفضتها المحكمة.
أنا كوزير للنقل كنت أرى أن صفقة المطار الجديد صفقة ناجحة، واليوم كمواطن أرى أنها أهم مشروع سبق وأن أنجزته موريتانيا، وأستغرب وجودي بين أيديكم وأمام محكمتكم بسبب هذا الملف، فوزير الشؤون الاقتصاد والتنمية [سيدي ولد التاه] والذي وقع قبلي هذه الملف، وهو أعلى مني رتبة لم يتم استدعاؤه، والوزير الأول [مولاي ولد محمد الأغظف] المسؤول عن الحكومة كلها لم يتم استدعاؤه، واستدعي يحي ولد حدمين، لماذا؟ هنا أترك لكم الجواب.
أما السؤال الثالث، فهو مدى قانونية الصفقة، وأقول إن قانون الصفقات لم ينص على المقايضة كما قال عدد من المحامين هنا، ولكنه لم يمنعها، وفي 2016 أضفتها لنص مدونة الصفقات العمومية، وأصبح القانون يسمح بها.
وبخصوص ملف دمج شركتي صيانة الطرق “ENER”، و”ATTM”، فسأقدم لكم في البداية معلومات عن الشركتين، فشركة “ATTM” أنشئت في التسعينات بناء على تحليل بضرورة مشاركة الشركة الوطنية للصناعة والمناجم “سنيم” في الاقتصاد الوطني، وبناء عليه أنشأت شركات في مختلف القطاعات وكانت من بينهم هذه الشركة، وعليه فهي شركة أنشئت لتطوير الاقتصاد الوطني.
أما الشركة الوطنية لصيانة الطرق “ENER”، فأنشئت باقتراح من البنك الدولي، وكانت ميزانيتها السنوية تأتي بالتناصف بين البنك الدولي وميزانية الدولة الموريتانية، وفي 2014 أو 2015 انتهى التمويل الذي كان مخصصا للشركة لدى البنك الدولي، وكانت “ATTM” حينها تنفذ مشاريع طرقية في دولة مالي المجاورة، وأنا من طورها خلال إدارتي لها للفوز بتنفيذ مشاريع داخل البلاد وخارجها.
وقد استدعاني رئيس الجمهورية حينها 2016 في مكتبه، وأخبرني أنه يريد دمج الشركتين، ولعلاقتي الشخصية بشركة “ATTM” فلم يكن رأيي مع الدمج، ولكنه أقنعني بأمور منها أن الشركتين مملوكتان للدولة بنسبة 100%، إحداهما بواسطة شركة “سنيم”، والأخرى بعد انتهاء تمويل البنك الدولي.
كما أنهما تقدمان نفس الخدمة، وأن شركة “ATTM” لم يعد بإمكانها الاستمرار في العمل في دولة مالي بسبب ظروفها الأمنية، وأن البلد بحاجة لشركة قوية في مجال الطرق، وهذا جزء من سيادته، فمثلا لن تقبل أي شركة أن تقيم لنا طرقا في منطقة تيارت الواسعة لانعدام المردودية، والطريق الرابط بين امبان وانيابينا مثلا b يتجاوز 18 كلم ولن تقبل أي شركة تنفيذه إلا بأسعار غالية جدا.
كوزير أول للحكومة، عندما خرجت من مكتب الرئيس، استدعيت وزير التجهيز والنقل والذي تتبعه له شركة “ENER”، ووزير البترول والطاقة والمعادن، والذي تتبع له شركة “سنيم” المالكة لشركة “ATTM”، والمدير العام لشركة “سنيم”، واتفقنا على أن نطلب من الشركتين إعداد دراسة عن اندماجهما، كانت شركة “ENER” في وضعية صعبة.
وهنا سأل رئيس المحكمة: ما هي مشكلتها؟
ولد حدمين: بسبب ملفها المتعلق بالمفتشية العامة للدولة، وقدم ملفها هنا أمامكم، وذلك لأننا غيرنا القانون، وأصبحت تقارير المفتشية العامة للدولة تذهب مباشرة إلى النيابة العامة دون المرور بالسلطة التنفيذية، وقد حاكمتكم وعاقبتم مسيرها.
وبخصوص شركة “ATTM”، فقد كانت رابحة نسبيا، لأنها ستتولى أعمال صيانة الطرق للدولة.
كانت هذه هي خلاصات الدراسات التي أعدتها الشركتان، وقد شكلنا لجنة وزارية ترأسها الوزير الأول، وضمت وزراء البترول والطاقة والمعادن [محمد ولد عبد الفتاح] والمالية [المختار ولد اجاي] والتجهيز والنقل [محمد عبد الله ولد أوداع] وقد قررت هذه اللجنة تشكيل لجنة فنية، تحت رئاسة مستشار رئيس الجمهورية والذي عين لاحقا رئيسا للمحكمة العليا [الحسين ولد الناجي]، وقد اطلعت في المحاضر على أنها لم يصدر لها مقرر تعيين، وهذا صحيح، ولكن المرسوم المحدد لصلاحيات الوزير الأول، وهو المرسوم: 2007/00157 نص في مادته: 54 على أن الوزير الأول يمارس صلاحياتها من خلال مراسيم أو مقررات أو تعميمات أو أوامر شفوية.
وهنا سأل رئيس المحكمة قائلا: برأيك ما الذي يناسب تعيين لجنة ستقوم بعمل كبير كهذا، أي دمج شركتين كبيرتين؟
ورد ولد حدمين: الأوامر الشفهية.
وواصل سرده قائلا:
أكملت اللجنة الفنية تقريرها واقترحت إدماجهما، وصادقت عليه اللجنة الوزارية، واجتمع مجلس إدارة “ENER” ووافق عليه، كما اجتمع مجلس إدارة “سنيم” ووافق إليه، واجتمع مجلس إدارة شركة “ATTM”، ووفق عليه، كما وافق عليه وزير المالية خطيا، وذلك بعد مصادقة مجلس الوزراء، ولم تخسر الدولة الموريتانية أي شيء جراء هذا الاندماج.
وقد عادت شركة “ATTM”، بعد ذلك إلى الأراضي المالية ووقع ما توقعه الرئيس وتعرضت آلياتها لهجوم من الإرهابيين خسرت بموجبه معدات بقيمة 2 مليار أوقية.
وهنا أكرر السؤال دائما، وهو لماذا أنا هنا بسبب هذا الموضوع، محمد ولد معاوية وكان يرأس مجلس إدارة “ENER” لم يستجوب ولم يستدع أصلا، وسمعت أنه كان مغاضبا لأنه لم يعين رئيس مجلس إدارة الشركة الجديدة.
كما أن أعضاء اللجنة الوزارية، وهم وزراء المالية، والبترول والطاقة والمعادن، والتجهيز والنقل لم يتم استدعاء أي منهم في هذا الملف. لقد استدعي يحي ولد حدمين في ملف المطار لأنه كان وزيرا للتجهيز والنقل ولم يتم استدعاء الوزير الأول، وفي ملف دمج الشركتين استدعي لأنه وزير أول، ولم يتم استدعاء وزير التجهيز والنقل، وهذا يظهر أن يحي ولد حدمين هو المستهدف.
كنت سأكون سعيدا لو أنه الملف السابق تمت مساءلة الوزير الأول حينها عنه، أو أن هذا الملف تمت مساءلة وزير التجهيز والنقل حينها فيه أو غيره من أعضاء اللجنة الوزارية.
أما الملف الأخير، فهو ملف بيع المدارس العمومية، وأنا لا أسميها مدارس لأنها لم تعد كذلك، وهنا علق أحد المحامين قائلا “ملف الأسواق”، ورد ولد حدمين سمها ما شئت، ولكنها لم تعد مدارس.
استدعاني رئيس الجمهورية في مكتبه، وأخبرني أن هذه المدارس لم تعد صالحة للاستخدام، وأن علينا النظر في إخراجها من الخريطة المدرسة، ونظمت لها زيارة رفقة وزير التهذيب الوطني، والذي قدم شهادة غير دقيقة عنها أمامكم.
وعلى ما أذكر، فأكثر الأقسام كان فيه 17 تلميذا، والوزير أبدى إعجابه بالخطوة، وعبر عن ذلك في رسالتين، حملت الرقمين: 138 و175 (2015) وهما بين يدي، وأبدى فيهما رأيا واضحا حول إخراجهما من الخريطة المدرسة، واعتمدهما وزير المالية في بيانه الذي قدم أمام مجلس الوزراء بخصوص بيع المدارس، وهذا يثبت أن شهادة الوزير [با عثمان] غير دقيقة، لأن رأيه بخصوصهما موجود بشكل مكتوب.
وبخصوص تأثير هذا الموضوع على الخدمة العمومية، أقول كوزير أول إنه لم يؤثر عليها، وخلال هذه الفترة تم بناء 75 مؤسسة تعليمية على عموم التراب الوطني 11 منها في العاصمة نواكشوط، ومن ضمنها مدرستان نموذجيتان إحداهما في الشامي والأخرى في كيهيدي، وكان يراد لهما أن تكونا بداية للمدرسة الجمهورية التي يجري العمل عليها الآن.
وقد كلفت هذه المدارس 7 مليارات أوقية، وهذا أقل من العائد الذي دخل الخزينة العامة من هذه المدارس.
وهنا يتكرر السؤال، لماذا يحي ولد حدمين في هذا الملف، ولماذا لم يتم استدعاء وزير التهذيب الوطني الذي كتب ووافق، أو وزير المالية الذي قدم البيان وتولى قطاعه البيع.
سأعطيك تفسيرا لاستهدافي، وذلك بعد تفكير عميق، وتفسيري له أنه بعد تعييني كلفت بمحاربة الفساد، وفتحنا ملفات جدية سببت لنا الكثير من المشاكل، وأولهما كان ملف تقشير الأرز، حيث كانت الدولة تدفع مقابل التقشير، ثم تشتري الأرز بـ200 أوقية للكلغ، وعندما قمنا بالتفتيش كشفنا اختلالات بـ5 مليارات أوقية، وتمت إحالة الملف إلى القضاء، وأغلق باب الفساد في مجال الأزر إلى اليوم.
وعندما صفيت شركة “سونمكس” اكتشف لديها 25 ألف طن من الأرز الفاسد الذي اشتري من مصانع التقشير وهو غير صالح للاستخدام، أي أننا أنقذنا 10 مليارات من الأوقية.
وطبعا هذا جعل رجال الأعمال المتربحين من هذا الملف ومن يؤثرون عليهم يستهدفونيي، ويدفعون بي إلى هنا.
أما الملف الثاني، فهو ملف الموظفين الذين كانوا يتقاضون أكثر من راتب من الدولة، وقد وجدنا 2000 موظف يتقاضون أكثر من راتب، فقد تجد طبيبا ومؤذنا، ومعلما ووزيرا، وكان هذا يكلف الدولة شهريا 1.5 مليار أوقية، وقد أوقفنا هذا، واستدعيناهم وخيرناهم بين الوظائف لاختيار واحدة منها فقط.
وطبعا، استهدفني هؤلاء ومن يؤثرون عليهم، لأنهم اعتبروا أنني أوقفت الأموال التي كانوا يحصلون عليها مع أنها غير مستحقة.
والملف الثالث هو ملف البنوك، حيث إنهم خلال 30 سنة كانوا يقدمون تقارير تقول إنهم يواجهون الخسارة، ومع ذلك يستمرون في أعمالهم، وقد قمنا بتحقيق سددوا بموجبه 6 مليارات أوقية سنويا، وما زالت مستمرة إلى اليوم.
وطبعا استهدفني هؤلاء، ومن يؤثرون عليهم، ودفعوا بي إلى هنا.
أما الملف الأخير، فهو ملف الخزينة العامة، حيث فعلنا المفتشية العامة للمالية، والتي كانت معطلة، وغيرنا نظامها. موريتانيا كانت تعتمد في التفتيش المنهج الأوروبي، والذي يعتمد تفتيش المصاريف، لأن المداخيل واردة عبر البنوك، وقد أمرت بتفتيش المداخيل، فجاءت الكارثة من روصو، والعيون، ونواذيبو، وغيرهم.
وخلال شهرين فقط، وهذا سبب لي الكثير من المشاكل.
كما أرسلنا التفتيش للسفارات، ووجدنا أن رسوم التآشر كانت تذهب لجيوب السفراء، وقد أوقفنا ذلك النزيف، والآن أصبحت سفارة مثل سفارتنا في باريس أضحت تغطي تكاليفها من عائدات رسوم التآشر.
وطبعا استهدفني هؤلاء، ومن يؤثرون عليهم، ودفعوا بي إلى هنا.
أنا هنا إذا ليس من أجل محاربة الفساد، وإنما من أجل محاربة محاربي الفساد. فخور أني لم أتهم بمبلغ واحد تم اختلاسه، أو رشوة تم أخذها، أما التفتيش عن فسادي فسأكتفي فيه بما قاله الراحل محمد محمود ولد اماه رحمه الله تعالى، وهو أن من يبحث عن الفساد لديه، فقد اتجه إلى الوجهة الخطأ، وكأن يجري عكس اتجاهه.
وفي ختام تقديم ولد حدمين لأجوبته، أعلن رئيس المحكمة المختصة في جرائم الفساد القاضي عمار محمد الأمين تعليق جلسات المحكمة إلى أجل غير مسمى، وبرر قراره بأن مستشاري محكمته يعدون أعضاء في المحاكم الجنائية، وسيلتحقون بها ابتداء من الاثنين القادم تاريخ افتتاح الدورة الجنائية.
وأعلن ولد محمد الأمين بقاء دورة محكمته مفتوحة لحين انعقادها مجددا في موعد لاحق.