صوت موريتاني يستحق الإصغاء: دعوة لترجمة ونقد أعمال بيروك

أحمد محمود جمال أحمدُ

في عالم عربي يتوق إلى اكتشاف الأصوات الأدبية القادمة من تخومه المنسية، تبرز روايات الكاتب الموريتاني بيروك بوصفها تعبيرًا صادقًا عن واقع خاص، يحمل نبض الصحراء وأسئلة الهوية وتناقضات المجتمع الموريتاني المعاصر. ليست نصوص بيروك مجرد إبداع روائي، بل هي شظايا حياة، ومرآة لواقع اجتماعي وسياسي كثيرًا ما بقي خارج نطاق الاهتمام النقدي العربي.
ورغم القيمة الأدبية والإنسانية لأعماله، فإن غياب الترجمة المنهجية لها إلى اللغة العربية يترك فجوة مؤلمة في جسد الثقافة العربية، ويحرم القارئ العربي من فرصة نادرة للاطلاع على تجربة مغايرة تنبع من العمق الأفريقي العربي. إن ترجمة هذه الروايات ليست ترفًا ثقافيًا، بل ضرورة فكرية، لأنها تفتح نافذة لفهم الذات من خلال الآخر القريب ــ الآخر الذي ينتمي إلينا ويتقاسم معنا الهموم والآمال، لكنه يُكتب بلغة لم تصل بعد إلى جمهورنا العربي بالقدر الكافي.
ولا تقلّ أهمية النقد الأدبي عن الترجمة في هذا السياق؛ فقراءة بيروك قراءة جمالية وسوسيولوجية تعيد الاعتبار لصوت الهامش، وتمنح الأدب الموريتاني موقعه المستحق ضمن خريطة الأدب العربي الحديث، بوصفه أدبًا يعيد تشكيل أسئلتنا الوجودية والإنسانية من صحراء تنطق بلغة الكثافة والاختزال.
وفي هذا السياق، تبرز الجهود القيّمة التي قام بها المفكر والروائي والدبلوماسي محمد السالك ولد إبراهيم، الذي لم يكتف بقراءة بعض روايات بيروك بعمق وتمعن، بل نقل بعض نصوصها إلى اللغة العربية، واضعًا بذلك لبنة أولى في بناء جسر ثقافي كان ولا يزال ضروريًا. لقد شكلت قراءاته النقدية وترجماته مساهمة نوعية في التعريف بهذا الصوت الفريد، وفي تهيئة القارئ العربي لاستقبال أدب يتّسم بالأصالة والخصوصية والرهان الجمالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى