مقابلة صحفية مع ذ. محمدٌ ولد إشدو منسق هيئة الدفاع عـن رئيس الجمهورية السابـق محمد ولد عبد العزيز 2/2

أجرى الحوار الصحفي أحمد ولد حارود - الحسانية

🔴المحور الثالث: حول التهم المالية واستغلال النفوذ
أحمد ولد حارود: من أبرز ما أثار الرأي العام حجم الأموال والممتلكات التي عُثر عليها لدى الرئيس السابق والمقربين منه.. كيف تفسرون ذلك قانونياً؟
ذ. إشدو: لقد أحسنتم عندما قلتم: “قانونيا”. وانطلاقا من ذلك سأحدثكم عن تلك الممتلكات التي “أثارت الرأي العام” ما هي حقيقتها؟ وكيف جمعت؟ ولماذا؟
في يوم 12 أغسطس 2020 صرح قائد فتنة المرجعية بقوله: “ولد عبد العزيز ينافسنا كأحزاب سياسية بثروة سرقها من الشعب، ولن نقبل أن ينافسنا عزيز بأموال الشعب”.
وفي اليوم نفسه (يوم 12 أغسطس 2020) أصدر وكيل جمهورية نواكشوط الغربية إذنا لشرطة مكافحة الفساد منتحلا فيه صفة القاضي الجالس بالقيام بجميع ما يرونه من أجل نهب ممتلكات محمد ولد عبد العزيز وأفراد أسرته ومحيطه؛ وذلك لغرض:
– الانتقام من الرجل والإضرار به وبأسرته ومحيطه.
– طمأنة حزب الانصاف بأن من كان ينافسه بـ”أموال الشعب” تم نهب أمواله!
– جمع أرقام خيالية من كل حدب وصوب تكون أساسا للاتهام.
وبخصوص تلك المبالغ ففيها:
– ممتلكات ولد عبد العزيز
– وممتلكات عبد العزيز
– وممتلكات أم ولد عبد العزيز
– وممتلكات جميع أفراد أسرة ولد عبد العزيز
– وممتلكات محيط ولد عبد العزيز، كدار ولد الخرشي ودار افيل!
– وهدية الرئيس محمد ولد محمد أحمد نقودا وسيارات!
– وفيها كذلك نفخ التقويم!
لقد كانت هذه الأمور طلاسم غامضة، ولكنها اليوم أصبحت ظاهرة للعيان ولم تعد تثير الرأي العام؛ خاصة إذا قارنها جميعها حسب ما صرح به وكيل الجمهورية 29 مليارا مع 450 مليار التي تحدث عنها تقرير محكمة الحسابات. وما تم معها من تعامل خجول مضحك مبك!
وهنا أذكركم بأنه لا مفتشية الدولة، ولا محكمة الحسابات، ولا جهة وطنية أو دولية عامة أو خاصة، تطالب ولد عبد العزيز بشيء. ثم إنه تحداهم جميعا. فلم يرفعوا التحدي!

أحمد ولد حارود: الرئيس السابق امتنع في أكثر من مرة عن التصريح بمصدر ثروته، كما صرّح مراراً بأنه لم يسحب أوقية واحدة من مرتبه كرئيس للجمهورية. فكيف ينسجم هذا التصريح مع واقع تلك الممتلكات؟
ذ. إشدو: الرئيس السابق لم يمتنع عن التصريح بمصدر ثروته، وتحدث عنها بصراحة.. لكن القضاء هو الذي تقاعس عن فحص وتحقيق ذلك الحديث.
أحمد ولد حارود: هل يمكن أن نعتبر أن ما جرى يدخل في إطار سوء التسيير الإداري لا الفساد الجنائي كما صُنّف؟
ذ. إشدو: نعم.. لكن سوء تسيير الدولة. سوء تسيير العدالة. سوء التسيير الأخلاقي. حين تسخر الدولة كلها من أجل إدانة قائد بطل بانٍ بريء بالباطل!

🔴المحور الرابع: البعد السياسي والشعبي
أحمد ولد حارود: بعد مرور سنوات على خروجه من الحكم، هناك من يرى أن شعبية الرئيس السابق تراجعت بشدة حتى داخل أنصاره. كيف تقوّمون ذلك؟
ذ. إشدو: أنا لم أعد أمارس الصحافة، وإن كنت من روادها فعلا؛ وبالتالي يقع عليكم أنتم عبء الجواب على ذلك السؤال. ومع ذلك أذكر مثلين:
– عندما خرج ولد عبد العزيز من السجن وهْنًا من الليل إلى المجلس الدستوري كانت الجماهير التي استقبلته في وقت متأخر من الليل تفوق مستقبلي غيره ممن هم أحرار ومتمكنون!
– أن استطلاعات الرأي التي تجري من حين لآخر يتصدرها بعيدا عن سواه.
أحمد ولد حارود: هل ترون أن محمد ولد عبد العزيز لا يزال يملك رصيداً سياسياً قادراً على العودة للساحة إن أُفرج عنه؟
ذ. إشدو: لعل جوابي على السؤال السابق فيه جواب على هذا السؤال.
أحمد ولد حارود: ماذا عن أبرز داعميه مثل سيدنا عالي ولد محمد خونا؟ هل تتوقعون أن تشمل أي تسوية سياسية أو عفوٍ شامل فريقه السابق؟
– ذ. إشدو: إذا كانت هناك تسوية سياسية حقيقية فلا بد أن تكون شاملة.
– أحمد ولد حارود: في حال تمت التسوية وتم إطلاق سراح الرئيس السابق، هل تتوقعون عودته للعمل السياسي، أم أنه سيفضّل الابتعاد والاعتزال؟ برأيكم، هل تمثل تسوية سياسية ممكنة مخرجاً مناسباً لهذا الملف؟ أم أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها حتى النهاية؟ كيف يعيش الرئيس السابق اليوم وضعه داخل السجن؟ وهل تتاح له ظروف إنسانية ملائمة؟
ذ. إشدو: ما يتعلق من هذا السؤال باحتمال عودته إلى العمل السياسي يجب طرحه عليه.
وأما ما يتعلق بأخذ العدالة لمجراها في هذا الملف فقد أوضحت لكم – من خلال هذا الحديث- أن العدالة لم تتصل بهذا الملف أبدا، ولم تأخذ فيه مجراها قط.
ويقول المثل: “الّي ما جا فاول الگصعه ما ايجي فاعگابها”!
وبخصوص وضعه في السجن فهو وضع سيئ جدا، وانتقامي، وفي ظروف غير إنسانية؛ لحد المنع من العلاج، ومن التعرض للشمس، ومن الزيارات والهاتف والكمبيوتر! وحبسه كله تحكمي وغير قانوني. ذلك أن حبس المحكمة الأولى له خلال المحاكمة التي استمرت سنة مخالف للقانون. لأن القاضي الذي أجرى له ولصحبه الاستجواب الإجباري لم يصدر ضدهم بطاقات إيداع وأمرهم بالحضور إلى المحكمة يوم انعقادها أحرارا. لكن الخلية السياسية الأمنية المشرفة على الملف تحركت وطلبت من المحكمة – التي لا ترد لها طلبا- اعتقالهم فاعتقلتهم وسجنتهم. وكذلك كان حبسه خلال فترة الاستئناف؛ فالمحكمة التي حكمت عليه بخمس سنوات لم تصدر ضده بطاقة إيداع. والاستئناف يوقف التنفيذ حسب نص المادة 470 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا في حالة صدور بطاقة إيداع من محكمة الحكم.
أحمد ولد حارود: هل ما زلتم على تواصل مباشر معه؟ وما هي حالته المعنوية في ظل ما يُتداول عن قرب إطلاق سراحه؟
ذ. إشدو: طبعا نحن على تواصل دائم معه. ويتم ذلك في ظروف سيئة للغاية؛ فكلامنا معه يتم تسجيله بالصوت والصورة. وبالتالي لا يمكن أن ننظم معه دفاعه. ونفتش بالأجهزة الالكترونية أدق تفيش عند دخولنا وعند خروجنا. وهذا مخالف للقانون. وفيما يخص روحه المعنوية، فجيدة جدا! أنتم للأسف لا تعرفونه. فهذا الرجل بطل من أبطال هذا البلد. سيد من سادة هذا البلد. عالي الهمة، قوي الشكيمة، واسع الاطلاع، صبور، عليم بموريتانيا وأهلها، ومعنوياته من الفولاذ.
أحمد ولد حارود: ما هي رسالتكم للرأي العام الموريتاني في ظل ما يثار حول هذا الملف من تجاذبات سياسية وإعلامية؟
ذ. إشدو: هي: لقد كذب عليكم المفسدون المنقلبون وضللوكم بالباطل، ليشغلوكم عنهم وعن نهبهم وتركيعهم لموريتانيا!
إن ملف إفك فساد العشرية واتهام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالباطل ملف ملفق ومختلق، هدفه تبرير الانقلاب الذي قام به المفسدون على نظام الأغلبية الوطني الشرعي! فتنة المرجعية، الحملة الدعائية الكاذبة، الستون محاميا، لجنة التحقيق البرلمانية الدعية، تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الذي أخفي عن البرلمان وعن القضاء لفراغه من أي فعل معاقب. الإطاحة بالحكومة الشرعية بالباطل. والتكليف بالبحث الابتدائي حول من شملهم التقرير، الذي حرف عن اتجاهه وأصبح حول “ممتلكات محمد ولد عبد العزيز وأفراد أسرته ومحيطه، نهب ممتلكات ولد عبد العزيز وأفراد أسرته ومحيطه، وأد الحزب الوحدوي الذي انضم إليه أنصاره ..إلخ.

🔴 خاتمةالمقابلة:
أحمد ولد حارود: في كلمة أخيرة، ما الذي تريدون قوله للرأي العام، وللرئيس محمد ولد عبد العزيز، وللجهات التي تسعى إلى تسوية هذا الملف؟
ذ. إشدو: بخصوص الرأي العام أكتفي بما قلته آنفا.
وليس لدي ما أقوله في هذا المقام للرئيس محمد ولد عبد العزيز سوى قول المتنبي لسيف الدولة:
وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ً ووجهك وضاح وثغرك باسم!
وأن لسان حاله كان دائما – وما يزال- ينشد منذ عرفناه قول الشيخ محمد عبده:
مجدي بمجد بلادي كنت أطلبه وشيمة الحر تأبى خفض أهليه.
وبخصوص الوسطاء إن وجدوا، فأحييهم وأتمنى لهم التوفيق!
وأنبه هنا إلى أن لمحمد ولد عبد العزيز – حسب معرفتنا به- خطين أحمرين هما:
– أنه لن يهاجر، ولن يعيش في المنفى؛ إذ لا يطيب له العيش إلا في هذه الأرض “الدخنه” في بواديها ومدنها.
– أنه لن يشارك في الفساد، ولن يسكت عليه!
لكن لدي ما أقوله لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ محمد أحمد. سيدي الرئيس، لقد حاولت كثيرا، وحاولت هيئة الدفاع أن نتصل بكم لنطلعكم على الحقائق المحجوبة عنكم من طرف أعوانكم! هذا الملف مختلق وملفق، ولا أساس له من الصحة. فلا البرلمان اتهم الرئيس السابق، ولا القضاء تعهد تعهدا صحيحا. ولم يجر أي تحقيق أو محاكمة عادلة. وكل ما جرى كان افتراء ومؤامرات ومكايد بهدف قلب نظام الأغلبية الشرعية، والتمكين للفساد والمفسدين! الشيء الذي أضر بالبلاد والعباد وأهلك الحرث والنسل! وما تقرير محكمة الحسابات عن فساد سنتين في بضع مؤسسات هامشية سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد الذي هو نتيجة طبيعية للانقلاب الناعم على نظام الأغلبية الوطنية الشرعية!
ومع ذلك فما زال بإمكانكم، بصفتكم رئيس الجمهورية وحامي الدستور ومن يجسد الدولة، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، قلب الطاولة على المفسدين! وإن بداية الخيط القائد لإنقاذ ما بقي من موريتانيا هي إحقاق الحق في هذا الملف، والانحياز إلى الدستور وقرارات المجلس الدستوري والترسانة القانونية، ومؤسسات الدولة!
ولتعلم – يا فخامة الرئيس- أنه لن تقوم قائمة للبلاد ما دام هذا الملف مفتوحا، والمفسدون يسيطرون على مقاليد الدولة. والوضع مقلوبا رأسا على عقب.. والثقة منعدمة بين الحاكمين والمحكومين!
أحمد ولد حارود: كيف تنظرون إلى مستقبل العدالة في موريتانيا بعد هذه التجربة الطويلة والمعقدة؟
ذ. إشدو: حاضر مزر ومستقبل قاتم! فالسلطة التنفيذية في هذا العهد نجحت نجاحا منقطع النظير في تسخير وتطويع السلطة القضائية في خدمة مآربها.
ومن بين الأمثلة الصارخة على ذلك ما جرى في هذا الملف!
لقد كان جميع ما جرى في هذا الملف في جميع مراحل التقاضي فيه مخالفا للدستور ولقرارات المجلس الدستوري وللقانون. وذلك على مرأى ومسمع من الجميع! تصوروا مثلا فرض وجود 60 محاميا طرفا مدنيا في محاكمة لا مركز فيها لطرف مدني، ولا يوجد لديهم فيها تفويض ممن يدعون تمثيله، ولم يقوموا فيها بأي إجراء من إجراءات القيام بالحق المدني، ولم يدلوا فيها بما يثبت وقوع ضرر لمن يدعون تمثيله، ولم يقوموا بدور يذكر في الملف سوى تحليل وتبييض انتهاك الدستور وخرق القوانين، وسب المتهمين! ومع كل ذلك لا تقبلهم المحاكم فقط؛ بل تخضع لإملاءاتهم. ويبلغ الهوان أن يتبجح قائدهم أمام الملأ بأنه جاسوس ويعرف الجواسيس من القضاة والمحامين!
قد يقول قائل: إن هذا وضع جميع المرافق في الدولة.
نعم. لكن العدل هو أساس الملك. والدولة تستقيم على الكفر، ولا تستقيم على الظلم!
أتذكر أني كنت عضوا في أول بعثة قضائية ابتعثت إلى قطر عربي هو تونس. وفي نهاية تكويننا استدعانا الرئيس الحبيب بورقيبة في قصر السعادة بقرطاج بحضور وزير العدل الهادي اخفاشه، رحمهما الله! وبعد مراسيم الاستقبال قال لنا: “يا أبنائي دعوتكم لأقول لكم إنكم سوف تشكلون العمود الفقري لمرفق العدل في دولتكم الفتية. والعدل أساس الملك. وطالما ظل مرفق العدل قائما وفي منأى عن الفساد، فإن الدولة ستبقى قائمة مهما تأثرت وتداعت المرافق الأخرى. أما إذا أصيب مرفق العدل وتداعى فإن الدولة ستنهار بغض النظر عن قوة وسلامة بقية مرافقها! ولدينا عبرة لمن يعتبر في قول تشرشل أثناء الحرب العالمية الثانية عندما قضى القضاء بنقل مطار حربي من جوار مدرسة ورفض وزير الدفاع تنفيد أوامر القضاء لأهمية ذلك المطار في ظروف الحرب. فقال له تشرشل: إن بريطانيا مستعدة لتخسر الحرب ولكنها غير مستعدة لخسران العدالة! وكان الرئيس المختار ولد داداه ممن ينظرون إلى العدل بهذه النظرة حيث وبخ وزير داخليته في قضية الملازم ممي المشهورة بقوله: “إذا أنت لم تحترم شرعيتك فمن ذا الذي سيحترمها غيرك؟
أحمد ولد حارود: في الختام أشكركم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى