استشهاد أبو عبيدة..

الصوت الذي تجاوز الصورة

علنت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، اليوم الاثنين، استشهاد ناطقها العسكري “أبو عبيدة”، مؤكدة أنه حذيفة سمير الكحلوت؛ الرجل الذي تحوّل خلال عقدين إلى أحد أبرز الوجوه الإعلامية في تاريخ المقاومة الفلسطينية، رغم أن ملامحه لم تُكشف يومًا.

ووصف “أبوعبيدة” الناطق العسكري الجديد لـ “كتائب القسام” سلفه بأن كوفيته الحمراء أصبحت أيقونة لكل أحرار العالم، وبأنه “الملثم الذي أحبه الملايين”.

وجهٌ لا يُرى… وصوتٌ لا يغيب
منذ ظهوره مطلع الألفية الثانية، رسّخ أبو عبيدة حضوره كرمز إعلامي يتجاوز الصورة. بكوفيته الحمراء وصوته الواثق، خاطب الفلسطينيين والعالم في أكثر لحظات الحرب قسوة، مقدّمًا خطابًا يجمع بين الرسالة العسكرية والأثر النفسي والإعلامي.
وفي كل مواجهة على غزة، كان ظهوره حدثًا بحد ذاته؛ إذ مثّل نموذجًا لخطاب يقاتل بالكلمة كما يقاتل بالسلاح، ويُبقي جذوة الصمود مشتعلة.

من عسقلان إلى جباليا
وُلد الكحلوت في بلدة “نعليا” قرب عسقلان المحتلة، قبل أن تستقر عائلته في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.
حصل عام 2013 على درجة الماجستير من جامعة الأزهر بغزة، وكانت رسالته بعنوان: *”الأرض المقدسة بين اليهودية والمسيحية والإسلام”*، ما يعكس اهتمامًا فكريًا بجذور الصراع الديني والتاريخي في فلسطين.

حياة خاصة في الظل
رغم حضوره الإعلامي الطاغي، حافظ أبو عبيدة على خصوصيته بعيدًا عن الأضواء. وتشير المعلومات المتاحة إلى أنه أبٌ لأربعة أبناء: ليان ومنة الله — وهما حافظتان لكتاب الله — إضافة إلى يمان وإبراهيم.

مطاردٌ منذ 2002
منذ توليه منصب الناطق باسم “كتائب القسام” عام 2002، كان أبو عبيدة هدفًا دائمًا لجيش الاحتلال الذي حاول اغتياله مرارًا خلال الحروب السابقة. ورغم ذلك، بقي صوته حاضرًا في كل معركة، يعلن المواقف ويحدّد اتجاهات المواجهة، دون أن يُكشف وجهه أو تُعرف تفاصيل حياته.

“ابن غزة… وليس لغزًا”
مصدر مقرّب من المقاومة أكد أن شخصية أبو عبيدة معروفة في نطاق مخيمه وجيرانه والمسجد الذي يصلي فيه، وأن اسمه وصورته متداولة في أوساط المتابعين لشؤون المقاومة منذ عام 2014.
وقال المصدر إن “اللثام ليس مجرد وسيلة للتخفي، بل رمزٌ للمقاومة وإنكار الذات، وإبرازٌ لهوية الجماعة على حساب الفرد”.

رمزٌ يتجاوز الغياب
ورغم إعلان استشهاده، يبقى أبو عبيدة حالة تتجاوز الشخص نفسه؛ حالة إعلامية ونفسية تشكّلت عبر سنوات من الحرب، وصوتًا ارتبط في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي بروح المقاومة في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.

قدس برس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى