من تجنس فهو مواطن لا فرق
اعل ولد اصنبيه

منذ استقلالها وحتى اليوم، منحت بلادنا الجنسية لآلاف العائلات. وقد أسفر تدفق الهجرة السنغالية عن بروز عدد كبير من المسؤولين الكبار والضباط السامين، أصبح بعضهم رؤساء لأحزاب سياسية، ونواباً في البرلمان، بل وترشحوا لمنصب الرئاسة، أمثال مختار صار وحميدو بابا كان.
ومن بين هذه الفئة السكانية ذات الأصول الأجنبية، نجد أيضاً أكثر الرجال والنساء تطرفاً عرقيًا في التاريخ الوطني؛ متطرفون نشروا الكراهية، وزرعوا الفتنة، واتخذوا من الإهانة وسيلة للنضال السياسي.
وبالتعاون مع رفاقهم في منظمة “إيرا” التي تُقدم نفسها كمنظمة “حقوقية”، قاد هؤلاء الحملة العنيفة الحالية في البلاد، والتي، بالمناسبة، ليست سوى تكتيك معروف. فالقادة العسكريون يدركون تمامًا أنه لشنّ هجوم، لا بد من إطلاق نار كثيف، ( protective fire)، على خطوط العدو. وقد قام ثنائي “إيرا – فلاَم”، الذي يُعدّ عدته منذ الانتخابات الأخيرة للهجوم على
السلطة، بتحريض أنصاره ذوي الخطاب العنيف على التحرك، ثم الشتم، ثم المزيد من الشتم. وكان هدفهم الظاهر هو حصد الغنائم، مادية كانت أم غير مادية. ويبدو أنهم حققوا هدفهم.
وفي المقابل، هناك عائلات عديدة من أصول عربية، لبنانية، سورية، فلسطينية، مغربية… حصلت على الجنسية الموريتانية، لكن آل برادة، بوغربال، بوغالب، نجار، حجار، النبهاني وغيرهم، ظلوا مسالمين منسجمين متحفظين بعيدين عن الأضواء.
كيف يمكن تفسير هذا الأمر؟
ببساطة، العرب المتجنسون ليست لهم قضية عرقية، في حين أن الأفارقة يعاركون غالبًا ضد هيمنة البيظان وسلطة اللغة العربية، ومن هنا جاءت أزمة التعايش.
وعلى الرغم من ذلك، لا ينبغي أن يكون في الجمهورية تمايز في المواطنة.
الرئيس الفرنسي السابق، الغاضب من اليمين المتطرف في بلاده، حسم الجدل حول العرق والأصالة الفرنسية بقوله “الجمهورية لا تعرف العرق أو لون البشرة. ولا تعترف بالمجموعات. فهي لا تعترف إلا بمواطنين أحرار متساوين في الحقوق. وهذا أمر غير قابل للتفاوض.
وقد صدق فرانسوا هولاند. فمنذ عام 1539، عملت فرنسا على توفير كل الوسائل اللازمة لبناء أمة فرنسية بلا عرق أو إثنية، أمة قوية ومتجانسة. ولن تحيد عن هذا الطريق مهما كانت الظروف.
أما موريتانيا، فهل ستظل رهينة للأعراق والإثنيات، عاجزة عن بناء أمة؟
للأسف الشديد، هنالك ركود قاتل.
اعل ولد اصنبيه
23 أبريل 2025