الحرب العالمية ضد فيروس كوفيد19
تشهد منصات البحث في القارات الخمس حربا ضروسا لـ”تركيع” فيروس كورونا، الذي فرض على البشرية وباء أصابها في مقتل وأدخلها في أزمة مركبة يصفها المتابعون بـ “الأخطر” في التاريخ..
في أكثر من 70 مختبرا حول العالم يعمل الباحثون على إنتاج لقاح ضد الوباء. وقد وصلت ثلاثة مختبرات إلى مرحلة تجريب المصل على الإنسان، واحد في الولايات المتحدة، وآخر في الصين، والثالث في أكسفورد، حسب الصحيفة الألمانية “بيلد”، كما كشف باحثون في سويسرا وصولهم إلى لقاح فعال قد يدخل حيز الاستعمال بعد ستة أشهر. وبينما يؤكد عشرات الأطباء نجاعة عقار كلوروكين في معالجة المصابين بالفيروس، يرجح البروفيسور الفرنسي ديدييه راؤول، مكتشف البروتوكول، اختفاء نفس الفيروس خلال الأسابيع القليلة القادمة.
لا يزال العلاج بالبروتوكول الذي اقترحه الباحث الفرنسي في الأوبئة والميكروبيولوجيا البروفيسور ديدييه راؤول، والذي يعتمد على وصف عقار كلوروكين مرفقا بالمضاد الحيوي “آزيتروميسين”، في الحالات المبكرة من الإصابة بفيروس كورونا، يحقق نتائج فاقت كل التوقعات، ففي الجزائر والمغرب وتونس ومصر، وفي بعض العيادات الفرنسية والأمريكية، يجمع الأطباء على نجاعة البروتوكول في تخفيض نسبة الفيروس في الجسم، وهو ما تثبته نتائج الدراسة الأخيرة التي نشرها معهد الأمراض المعدية بمدينة مرسيليا الفرنسية، الذي يديره البروفيسور راؤول، حيث وصف العلاج لأكثر من ألف مصاب بالفيروس تماثل 94 منهم للشفاء، وهو ما يفسر أن نسبة الوفيات جراء الوباء بمرسيليا والمدن المجاورة لها هي الأضعف في فرنسا.
وكان البروفيسور ديدييه راؤول قد رجح في فيديو بث على موقع معهد الأوبئة والأمراض المعدية أن يتلاشى الوباء في فصل الربيع لأسباب وصفها بـ “الغريبة”، قبل أن يشدد على أن نفس الوباء آخذ في التلاشي تدريجيا في مرسيليا، موضحا “أنا أتكلم عن مرسيليا، حيث كنا نسجل في مرحلة الذروة 368 إصابة جديدة في اليوم، أما الآن فالحد الأقصى هو 80 إصابة في اليوم”.
وعن الخلفيات العلمية التي تدفعه إلى ترجيح تلاشي الفيروس في فصل الربيع أوضح البروفيسور راؤول أمس، في حوار مع إذاعة “راديو سيد” الفرنسية “أنا لا أطلق تنبؤات سحرية بل اعتمدت في ترجيحي على كوننا نعرف 18 فيروسا تصيب الأجهزة التنفسية وكلها تتلاشى مع حلول فصل الربيع، وهو ما يدفعني إلى ترجيح أن هذا الفيروس التاسع عشر قد ينتج نفس سلوكيات سابقيه”.
من جهتهم، أعلن باحثون من جامعة أكسفورد البريطانية أن سبتمبر القادم قد يكون موعدا ممكنا للبدء بالتطعيم على نطاق واسع ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وتوصلت دراسة جديدة إلى أن معظم المصابين بكورونا من الأطقم الطبية في أمريكا التقطوا على الأرجح الفيروس خلال أداء أعمالهم.
وباحثو جامعة أكسفورد مختصون في تطوير اللقاح ضد كورونا، إذ سبق أن طوروا لقاحاً ضد فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية “سارس ” (MERS-CoV)، حسب ما ذكرت صحيفة “بيلد” الألمانية على موقعها الإلكتروني.
وقد علقت كورينا فاندرمويلن، رئيسة مركز أبحاث التطعيم في جامعة لوفين لصحيفة “هت نيوزبلاد” الهولندية، على ما سبق قائلة “بناء على الخبرة التي لديهم، يمكن لهم تجريب استخدام بروتينات مختلفة لتحفيز الاستجابة المناعية في الجسم”.
3 لقاحات في الصين وأمريكا
وذكرت تقارير إعلامية أن هناك 3 لقاحات محتملة لفيروس كورونا المستجد “تحقق نتائج واعدة”، في اختبارات مبكرة على متطوعين في الصين والولايات المتحدة.
فقد كشفت وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية أن شركة “كانسينو بيو لوجيكس” باشرت تجارب المرحلة الثانية للقاح محتمل ضد مرض “كوفيد 19″، فيما أعلن في أمريكا أيضا عن تجهيز أحد المتطوعين لتلقي جرعة ثانية من اللقاح التجربيي بعد أن تلقى الجرعة الأولى في شهر مارس الماضي.
وبحسب شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية الأمريكية، فإن الاختبارات الأولية تركز حاليا على الأمان لمتلقي اللقاحات، لكن الانتقال إلى المرحلة الثانية يعد خطوة حاسمة تسمح باختبار اللقاحات لدى العديد من الأشخاص للبحث عن علامات تحميهم من العدوى. وأعرب أنتوني فوتشي، مدير الأمراض المعدية في المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة، عن أمله في أن تبدأ المرحلة التالية من الاختبار في شهر جوان المقبل تقريبا.
ومؤخرا بدأ الاستعداد لتجريب لقاح ثالث من إنتاج شركة “إينوفيو فارماسوتيكالز”، شملت الخطوة الأولى منه متطوعين في الولايات المتحدة، على أمل أن يتم توسيع التجارب لتشمل الصين كذلك.
ونوه فوتشي إلى أنه “إذا استمر فيروس كورونا المستجد في الانتشار على نطاق واسع خلال الصيف والخريف المقبلين، فقد يكون من الممكن إنهاء دراسات أكبر في وقت أقرب بقليل من 12 إلى 18 شهرا”، التي توقعها في الأصل، أي في منتصف أو أواخر الشتاء المقبل.
وقال فوتشي، الذي يعتبر كبير خبراء الأمراض المعدية في الإدارة الأمريكية، إن الولايات المتحدة ليس لديها حتى الآن إجراءات الاختبار والتتبع الحرجة اللازمة لبدء إعادة فتح الاقتصاد الوطني، مضيفا جرعة من الحذر إلى التوقعات المتفائلة بشكل متزايد والصادرة عن البيت الأبيض.
علماء كوريا وسويسرا متفائلون
من جهته، أعلن معهد الصحة الوطني التابع لمراكز كوريا الجنوبية لمكافحة الأمراض والوقاية منها بالتعاون مع معهد اللقاحات الدولي، أنه سيجري تجارب سريرية باستخدام مرشح لقاح ضد فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، وأوضح معهد الصحة الوطني أول أمس الخميس، أنه سيجري المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية باستخدام INO-4800، مرشح لقاح الحمض النووي الذي طورته شركة “إينوفيو” للأبحاث الدوائية.
وذكرت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية “يونهاب” أنه من المتوقع أن يتم حقن 40 بالغا متمتعا بالصحة من مرشح اللقاح في التجارب السريرية، ومن ثم يتم توسيع نطاق التجارب السريرية حتى كبار السن بعد تقييم وتحليل سلامته.
يذكر أن مرشح اللقاح الذي يستخدم في التجارب السريرية تم تطويره بالاستفادة من منصة لقاح الحمض النووي، حيث استخدمت المنصة في تطوير لقاح وقائي من فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية “ميرس”.
وبمرور الأيام، تحرز فرق البحث السويسرية تقدما في الجهود المبذولة لتطوير لقاح فيروس كورونا المستجد. ويعمل قسم علم المناعة في المستشفى الجامعي ببرن على تطوير لقاح منذ شهر جانفي الماضي. وتم عزل السلالة الأولى للفيروس بسرعة. ويمثل فيروس معالجا جنيا يصيب الخيار ويحوّل لونه إلى اللون الأصفر أساس هذا اللقاح، وقد تم بالفعل اختباره على الحيوانات.
من جهته، يدعو مارتين باخمان، رئيس قسم المناعة الآن إلى إجراءات موافقة مبسّطة للسماح بإنتاج اللقاح في أسرع وقت ممكن، أي في حدود الستة أشهر تقريبا.
وطوّر بيتر بوركهارد، عالم المناعة بمختبر خاص في كانتون بازل- المدينة ما يُمكن اعتباره مقدّمة للقاح مضاد لكوفيد- 19، والذي تم اختباره على الحيوانات وهو الآن يختبره على نفسه، وهو يأمل أن يسرّع ذلك في عملية المصادقة عليه.
ويستخدم لقاح SAPN الذي طوّره بوركهارد الطريقة نفسها التي استخدمها في تطوير لقاح الملاريا الذي ظلت شركته تعمل عليه خلال السنوات القليلة الماضية.