الفساد المعنوي أنماط ومحظورات
باباه ولد التراد

تكرر لفظ الفساد ومشتقاته في القرآن الكريم 50 مرة موزعة على 23 سورة اشتملت على مصطلح للفساد أوسع مما هو وارد في التعريف اللغوي أو الاصطلاحي، ليشمل الفساد العضوي و السلوكي،والإداري والمالي والحكمي والأمني…
ذلك أن للفساد مدلولات كثيرة وواسعة في القرآن الكريم، وتشمل جميع أنواع
الفساد وصوره، وقد جعل اللّه تعالى كل المخالفات والمعاصي فسادا في الأرض.
ومع أن للفظ الفساد أكثر من معنى في معاجم اللغة العربية فإننا نجد أن الشريعة الإسلامية تنظر للفساد من منظور أشمل وأوسع وإن كانت تشترك مع معاجم اللغة في عدة أمور
منها أن الفساد نقيض الصلاح وأنه يفيد
الخروج عن الاعتدال وأن المفسدة ضد المصلحة
لذلك فإن الفساد في الاصطلاح الشرعي عند جمهور الفقهاء الإسلاميين يطلق على مخالفة فعل المكلف للشرع أيا كان وجه المخالفة، وينبني على هذا عدم ترتيب الآثار الشرعية ، وهو بذلك عندهم مرادفا للبطلان في معظم استعمالاته.
ويمكن تقسيم الفساد إلى مجالين كبيرين فساد مادي وفساد معنوي ويعد هذا الأخير من أخطر أنواع الفساد وينقسم إلى عدة أنماط وصور ومظاهر يأتي في مقدمتها الفساد السياسي والفساد التربوي والفساد الاجتماعي والفساد الأخلاقي والفساد الإعلامي ..
وهنا يتأكد أن المجال السياسي من أوسع الميادين التي يستشري فيها الفساد ويتفشى عن طريقه لبقية أنواع وصور الفساد حيث يعرف البعض الفساد السياسي بأنه ” إساءة استخدام السلطة العامة من قبل النخب الحاكمة لأهداف غير مشروعة.”
” أو هو تغليب مصلحة صاحب القرار على مصالح الآخرين”.
لأن من بيده صنع القرار هو الذي يتحكم في مصيرالبلاد تربويا وماليا وثقافيا ،…كما يتحكم في الإعلام والمناهج والقوانين والاقتصاد والإدارة..
فيستطيع أن يسلب البلاد هويتها ولغتها الرسمية ويجعلها تابعة ذليلة خانعة تتطفل على لغة الأجنبي المتخلفة السائرة في طريق الزوال .
وهذا للأسف هو حال موريتانيا التي ارتهنت للغة المستعمر متجاوزة بذلك مقتضيات الدستور وما تمليه مصلحة أبنائها وأجيالها الذين يتعثرون بالجملة في الميدان الدراسي في كل سنة بسبب التربية المستعارة والتخلي عن لغة القرٱن (اللغة الأم )التي يسهل التعلم بها عادة ويتعرضون بسبب ذلك للضياع والفقر والفساد الاجتماعي والأخلاقي والثقافي وضعف الوازع الديني ، ومن ثم الخروج عن الثوابت العامة لدى الأمة، مما يفكك هويتها وإرثها الثقافي.