بعد عقدين من خطاب كيفة… الفساد ما زال في المربع الأول

أحمد محمود جمال أحمدُ

كانت لنا هذا المساء دردشة سريعة في المكتبة مع العميد محمد عبد الرحمن ولد الزوين، المدير الناشر لمجلة السفير.
انتهزتُ الفرصة لأنبش في أرشيف المجلة واهتماماتها القديمة، فاستوقفتني قصاصة صحفية تتناول موضوعًا ما زال حيًّا رغم مرور السنين: الفساد.
في العدد 92 من مجلة السفير، الصادر بتاريخ 6 فبراير 2005، تناول الكاتب أبو معتز الجيلاني حدث تدشين محطة الماء بمدينة كيفة، واصفًا إياه بأنه من أبرز أحداث السنة المنصرمة، إذ كان مناسبة استثنائية نالت اهتمام المواطنين، وارتبطت بخطاب رئاسي مؤثر تناول قضايا الاقتصاد ومحاربة الفساد.
أشار الكاتب إلى أنّ تدشين المحطة لم يكن مجرد إنجاز خدمي، بل رمزًا لحلمٍ تحقق لسكان المدينة الذين عانوا طويلًا من أزمة المياه، لكنه حذّر من أن يكون ذلك نهاية المطاف، داعيًا إلى صيانة المشروع وتوسيع الشبكة لتصل إلى 60٪ من سكان المدينة.
ولم يفت الكاتب أن ينبّه إلى ظاهرة المشاريع التي تُدشَّن لأغراض إعلامية أو سياسية ثم تُترك دون متابعة، فيتراجع أداؤها بمرور الوقت، وهو ما يغذّي الفساد الإداري ويبدّد المال العام.
وفي ختام قصاصته، ربط الكاتب بين تدشين محطة الماء وبين الخطاب الرئاسي حول محاربة الفساد، م إذ. ز. شيرًا إلى أن ذلك الخطاب «اهتزّت له القلوب الصادقة»، لكنه حذّر في الوقت نفسه من أن الفساد يهدد استدامة المشاريع الحيوية إن لم تُواكب بالرقابة والمساءلة.
فبعد عقدين من خطاب كيفة، لا يبدو أننا تجاوزنا بعد المربع الأول من معضلة الفساد؛ فما زال الحلم يتكرر، والخطابات تتعاقب، والمشاريع تُدشَّن… لتغيب بعدها المتابعة، ويبقى السؤال:
متى ننتقل من محاربة الفساد بالكلمات إلى محوه بالفعل؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى