الكيل بمكيالين
الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
التهم العشر التي وجهها وكيل نيابة محكمة نواكشوط الغربية لرئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز، لم يقل بأي منها تفتيش لمفتشية الدولة، أو ترد في تقرير من تقارير محكمة الحسابات! وتعلقت، حسب ما ذكره وكيل الجمهورية في مؤتمره الصحفي التبريري الذي عقد مباشرة بعد توجيه الاتهام بتسعة وعشرين مليارا تجمعت من مصادر عديدة هي: “ممتلكات محمد ولد عبد العزيز وأفراد أسرته ومحيطه” بعد أن تم ما تم من سطو على أملاك الغير ونفخ في التقويم، ومن هدية صديقه وخلفه المشهورة! وبسبب ذلك المبلغ الملفق، وغيرة على ما دُعي يومها “أموال الشعب المنهوبة” قام القضاء العادي بحبس الرئيس ومساءلته رغم أنف الدستور، وحكم عليه – دون بينة- بالسجن خمس عشرة سنة!
ولما خطت مفتشية الدولة خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء! ونهضت محكمة الحسابات العتيدة من سباتها العميق، فوثقت عفوا، في تقرير غطى سنتي 2022 و2023 سلمه رئيسها إلى فخامة الرئيس، اختفاء ما يربو على أربعمائة (400) مليار من مؤسسات قليلة جدا، وهامشية جدا. حبس الشعب أنفاسه وتوقع سقوط السماء على الأرض.. واندلاع حرب إبادة على المفسدين! خاصة أن فخامة الرئيس قد تعهد أمام الشعب بشن حرب لا هوادة فيها على الفساد والمفسدين.. والقول قول محكمة الحسابات التي تنص المادة 68 من الدستور على أنها “هي الهيئة العليا المستقلة المكلفة برقابة الأموال العمومية”!
وبينما نحن في حميا النشوة والحبور والفخر بهذا الإنجاز العظيم، مشت عجلات دهرنا العائث القهقرى، وأعلن لنا من يُفترض تحفظه بصراحة أن تقريره “لا يغطي سنتين؛ بل عشرين سنة! وأننا إذا اعتبرنا كل خطأ تسييري اختلاسا فموريتانيا ما اتلات خالگه، وثلاثمائة وسبعة وتسعون (397) مليار أوقية ماهي عند گاع موريتانيا، وأن نقرأ ونستعين بالفنيين”! وأُنزل الستارُ قبل أن يبدأ العرض!
ترى أين وكيل جمهورية نواكشوط الغربية الغيور على المال العام وعلى “سَيادة” القانون.. والستون (60) محاميا من حوله ينفرون خفافا وثقالا لاسترداد أموال الشعب المنهوبة؟
وأين رقابة البرلمان على الحكومة، و”لجنة التحقيق البرلمانية” طيبة الذكر؟
وأين فتوى الخبراء القانونيين الأربعة التي تسلح بها “مؤتمر رؤساء اللجان” و”تفرض على أية جهة تحقيق اكتشفت اختلاسا أو تبديدا للمال العام أن تحيل الأمر إلى الادعاء العام لتحريك الدعوى ضد المعنيين”؟
{هل تحس منهم من أحد أو تسمع له ركزا}
وحتى سردية “الغلول” التي واجهوا بها – جهلا وظلما وعجزا- الرئيس محمد ولد عبد العزيز، تبخرت تماما وأصبحت جثة هامدة! فتسعة وعشرون (29) مليارا ملفقة اعتبرت في دينهم غلولا عقابها 15 سنة، وأربعمائة وعشرة (410) مليارات محققة لا شيء.. مجرد خطأ تسييري!
إن من الهوان لسحرا..
“نزهة اللب لا تجود بشيء ** فهْي عندي من أبخل البخلاء
كم أرتنا من المواعيد مزنا ** وظنناه يستهل بماء
وطمعنا بالري منه جميعا ** فإذا بالجميع فخر السماء”!!