هل إعلام الحكومة ضد محاربة الفساد؟

لو كان للحكومة سياسة إعلامية مدروسة لما انقلبت ضدها كل خطواتها الإيجابية؛ آخر مثال على ذلك نشر تقرير محكمة الحسابات..
خطوة تقول، بكل فصاحة، إن ولد الغزواني لا يخاف من كشف الفساد، ولا يتستر على المفسدين، حتى ولو تفانوا في تأييده وأنفقوا على الحملات لدعم مرشحيه في الانتخابات، وعلى مدونين يلمعونهم بطريقة غبية!
نتحدث، هنا في هذا العالم الافتراضي، وكأننا محكمة أو جهة مخولة لإصدار أحكام قضائية..
نتحدث عن مبالغ (قرابة 400 مليار) على أساس أنها “بقيتْ عيناً بيضاء” مع أن تقرير محكمة الحسابات لا يؤيد أحاديثنا، وبالطبع فإن الجهة صاحبة الاختصاص في تكييف هذه النازلة ليست سوى محكمة الحسابات.
الأكيد أننا متفقون علي أن هذه الهيئة الدستورية لم تتعرض لأي ضغط في عهد ولد الغزواني، بدليل أنها لم تنشر أي تقرير قبل انتخابه عام 2019 وبدليل كونها مستمرة في نشر التقارير.
القراءة المتخصصة للتقرير، من صفحته الأولي و حتي الأخيرة، لا تتحدث عن خلل ذا طابع جنائي (اختلاس أو تبديد أموال بغرض الانتفاع).
تحدث التقرير عن اخطاء تسييرية و اختلالات إدارية.
لم يرسل ولد الغزواني، في يوم من الايام، محكمة الحسابات لتصفية الحسابات مع خصومه، خلافاً لما تعودنا عليه أيام كانت أداة لتصفية الحسابات، والدليل هو عدم نشر التقارير آنذاك، وحضور أوامر السلطة التنفيذية في توجيه بوصلة الاتهامات (رئيسها مثلاً أقيل من منصبه كسفير بتهمة فساد، لم تصدر عن المحكمة ذاتها،ولم يتم التحقيق فيها حتى اللحظة)..
الرد المقبول والمتوقع على نتائج تقرير محكمة الحسابات الجديد، هو إصدار عقوبات إدارية في حق المسؤولين، و اعتماد إصلاحات للاختلالات الإدارية الملاحطة.
في هذا الصدد صدرت الأوامر الرئاسية، وتم تشكيل لجنة وزارية، وتم تحديد الآجال(يوم الجمعة قبل نهاية الدوام) لاستقبال الإصلاحات الإدارية المقترحة و العقوبات الإدارية المزمعة، ولكننا نستعجل تلك الاصلاحات وتلك العقوبات حتى وإن كانت الحكومة في عطلة نهاية الأسبوع .
أراد ولد الغزواني، بنشر تقرير المحكمة أن يقول إنه يحترم القانون، من جهة، ومن جهة يرفع الغطاء عن كل مشتبه في ضلوعه في فساد أو سوء تسيير…
ولكن غياب السياسة الإعلامية الناضجة غيب هذه الحقيقة الواضحة، وغيب معها حقائق التقرير نفسه..
هل تعلم عزيزي القارئ أن سبب ركوب البعض لموجة هذا التقرير هو إمساك وسائل الإعلام الحكومية عن الحديث عنه وكأن قوى معارضة هي التي أنجزته ونشرته، في الوقت الذي كان عليها أن تشيد به كخطوة غير مسبوقة في موريتانيا، في إطار الحرب ضد الفساد..
إعلامنا الرسمي معذور في هذه لأنه تعود على أن أي كشف للفساد هو عمل معارض تجب محاربته.
عبد الله اتفغ المختار