غياب (القدوة) : جيل بلا هوية

عبدو سيدي محمد

انتشرت في وسائل التواصل الإجتماعي مقارنة بين المدرس و (ابو صابر). ربما من باب الطرافة أو التهكم. مهما يكون نمط الباب أو المقصود، لا يجوز وضع المربي و صانع الأجيال الذي كاد أن يكون رسولا في اي خانة مقارنة مع أي كائن أو مشابه.
سباق الحيوانات الأليفة من الألعاب الشعبية و الموروث المجتمعي و بالتالي ليست ظاهرة غريبة و لكن الغريب هو التطاول على (القدوة) و هذا للأسف يعكس مستوى تفشي (السخافة) و البضاعة الرديئة و رواج سوقها داخل المجتمع. المدرس قدوة و مثال و قائد سفينة و أي ثقب قد يؤدي إلى الغرق. ظاهرة غياب (القدوة) في أذهان النشأ و ترك المجال مفتوحا بلا رقيب يضعنا إلى محنة و كارثة.
قطاع التعليم لا يقبل القسمة فهو جزء لا يتجزأ و المدرس هو نواة التعليم و خلية التكوين و مسطرة الطريق. النظرة الدونية للمدرس و لقطاع التعليم بصفة عامة ظاهرة مرضية وبائية تحتاج إلى علاج و ربما أستئصال.
في الوقت الذي يتعرض المدرس للتشهير و الاعتداء و المخاطبة برسالة رسمية مكتوبة بلغة أجنبية لا ينص عليها الدستور في تحدي صارخ لهيبة و سيادة (الدولة). قلت في هذا الوقت العسير، يتراقص الطابور الفرانكفوني طربا تحت قبة البرلمان و يحاول الانقضاض خلسة على ما تبقى من الهوية (اللغوية) الوطنية. و هذا من خلال (أغتصاب) المادة (61).
البرلمان التجاري لا يجرؤ على رفض الإغراءات و الامتيازات و القطع الأرضية و المشاريع و الأسواق من أجل لغة (الضاد) و حماية مواد الدستور. البرلمان سلطة تشريعية(تصديقية) لأي مشروع أو قانون يتولد عنه (رخصة) صيد أو تنقيب و هذا من باب (الوطنية) و لا يرضى ان يكون (ضحية) ف (التضحية) من نصيب الناخب الذي باع (صوته) و كان فيه من الزاهدين.
قطاع التعليم مثل كل القطاعات فيه الصالحون و دون ذلك و طرائق قددا. و عملية الإصلاح لها شروط و متطلبات لا يتسع المقام لذكرها و ان كان اهمها تنقية الحقل من (الشوائب) و (الزوائد).
خلاصة القول هدم الأمة لا يحتاج قنبلة نووية بل بقتل (القدوة) و تقزيم دور المدرس و تهميش التعليم المعرفي و السلوكي. في المقابل ترويج بدائل(تفاهة) مثل الدعائية الإشهارية لخلق (قدوات) في حقيقة الأمر هم (ببغاوات) تعيد و تكرر ما تسمع دون فقه أو معرفة مجرد شريط تسجيل و بهذا يصبح جيل المستقبل عبارة عن (متشردين) لا علم و لا معرفة و لا دين و لا أصل و لا أخلاق و لا هوية عندئذ ندرك خطر و غباء المقارنة بين المدرس و (ابو صابر) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى