هوس العودة L’obsession du retour(ح17)
يونيو 89:الكارثة
دمت بتاريخ 31/05/1989
إبني العزيز
أنا بخير وأرجو أن تصلك رسالتي هذه وأنت في صحة جيدة.
أود إبلاغك أننا أبعدنا بالقوة من موريتانيا،ونتواجد في الوقت الراهن على الأراضي السنغالية،كلاجئين.
لم يبق أي فلاني في ألاك والمناطق المجاورة له،لقد أبعدوا جميعا.لقد سلبنا والي لبراكنه ومساعدوه كل ما نملك،وفي الوقت الراهن ليس لدينا أي ورقة لحالتنا المدنية .
هذا ما حصل لكل الناطقين بالبولارية في موريتانيا.إنهم يفكرون في نقلنا إلى أنجوم،هناك في مخيم للاجئين الموريتانيين في منطقة النهر.
أفضل أن تبقى في المغرب خلال العطلة.في حالة ما لم يتجه الوضع إلى الأحسن.لم تعد لدينا مصادر،لقد سلبنا كل شيء:ماشيتنا،أثاثنا ،بيوتنا،انتزعت منا،الدولة هي التي انتزعتها،لأن الجنود والدرك وكل السلطات الذين جاءوا لترحيلنا بالقوة،منعونا حتى من أخذ بعض ملابسنا.
عندما وصلنا بوكي،فتشونا في مفوضية الشرطة وانتزعوا أحذيتنا قبل أن نعبر الحدود.
سأكتب لك عندما أستقر.
والدك
دمت 6/6/1989
عزيز الحميم،با آمادو
ستتعجب بالتأكيد أن تصلك هذه الرسالة من دمت في السنغال.
بالفعل لقد غادر كل الهالي في آلاك ،كورال وتوفندي جابي موريتانيا.هناك من أبعدوا بالقوة وهناك من هربوا.
أهلك ،عمك كلل ،مامادو جالو،بوا،صمبا دكا،تيرنو مامودو ألفا كانوا من الذين أبعدوا،وكذلك سكان توفوندى اديابي وواندو،في حين أن باقي الأهل في ألاك وكورال هربوا.
إننا نعيش وضعية صعبة أرجوك – وكذلك أسرتك ترجوك معي – لا تحاول أن تأتي هنا خلال العطلة الصيفية،لأنك قد تعش نفس مصيرنا.
أما بخصوصي أنا فقد كنت في العطلة عندما بدأت مطاردة الزنوج الموريتانيين من طرف نظام ولد الطايع.
أهلك وأهلي نقلوا يوم أمس إلى أنجوم،مدينة تقع على بعد خمسين كلمتر غرب دمت.الحكومة السنغالية ومفوضية شؤون اللاجئين يبذلون أقصى الجهد لوضعنا في ظروف جيدة.
من المؤسف بالنسبة لي أن لا أراك هذه السنة.لكن الوضع في غاية الخطورة.وحدهم أغنياء الفلان والتوكولور يعبرون بطريقة سلسة وبأمان.
لا أريد أن أصيبك بالاحباط،ولكن من واجبي أن أقول لك الحقيقة.
بفضل الله كل الأهل في ألاك وكورال لا زالوا مع بعضهم ويبذلون ما بوسعهم كي لا يفترقوا.لذلك نمضي الأماسي والأيام في دمت ونحن نشعر أننا في ألاك أو كورال.
علي أن أطمئنك أن وضعنا ليس بتلك الكارثية التي يمكن أن تتخيل.
لا أحد محبط،وخاصة أننا بين قبائل فلان موريتانيا الأغنى منا ألف مرة.
لكن إذا كنت مصرا على المجيئ لترى بعينيك،عليك شراء تذكرة إلى داكار ثم تتجه مباشرة إلى أنديوم،ها هو الأسلم.
أرجو أن تؤثر هذه الأخبار على دراستك.
انكارتا
لقد وجدت صعوبة في تصور هذه الصاعقة التي وقعت علي وأكثر من ذلك ما تعرض له أهلي من فظاعة منذ أيام.
بعد لحظات عدم التصديق الأولى التي تلت قراءتي لهذه الأخبار البشعة بدأت أجمع فكري المشتت،شيئا فشيئا……..(يتواصل)