الحرب الثانية(خاص لموقع الإخباري)
عبدو سيدي محمد / نواكشوط
منذ اندلاع الحرب الثانية بعد أزمة معبر الكركارات اظهر الطرفان (البوليساريو و المغرب) تكتما شديدا حول تفاصيل الهجمات من حيث الخسائر المادية و البشرية حيث أكتفت جبهة البوليساريو بالبيان اليومي الرسمي لوزارة الدفاع الصحراوية دون الخوض في التفاصيل بينما غضت الرباط البصر عن الموضوع. في خضم هذا التكتم الشديد و شح المعلومات كانت وسائط التواصل الإجتماعي هي المصدر غير الرسمي لأخبار و خسائر الهجمات المتواصلة منذ زهاء 150 يوما. المتتبع و المهتم بتطورات و احداث الحرب الثانية يدرك جيدا الحرب الإعلامية و النفسية حيث يحاول كل طرف جر خصمه إلى شرك و فخ الشائعات و الأخبار الزائفة مثلما حصل لموقع هسبريس الجناح الإعلامي للمخزن المغربي في الأحداث الأخيرة. أغتالت طائرة بدون طيار (درون) قائد بارز في قوات الجيش الشعبي الصحراوي . و حسب اعتقادي هي نقطة تحول محورية في الحرب الثانية و بدايه لها ما بعدها.
و تأتي تصريحات السيد مصطفى السيد القيادي البارز في البوليساريو و الوزير المستشار في الرئاسة الصحراوية لجريدة ( الخبر ) الذراع الإعلامي للمخابرات العسكرية الجزائرية. هذه التصريحات جاءت في وقت حرج و بمعلومات هامة. و رغم تداول نشطاء صحراويين على وسائط التواصل الإجتماعي معلومات تفيد بان خلايا امنية عسكرية إسرائيلية تنشط في مطاري العيون و الداخلة كانت مجرد توقعات غير رسمية ليأتي التأكيد الحاسم من مصدر صحراوي رسمي و في وسيلة إعلام موثوقة. الوزير المستشار في الرئاسة السيد البشير مصطفى أكد عزم البوليساريو الرد الحاسم لاغتيال القائد العسكري الداه ولد البندير و سيكون الرد غير تقليدي و موجع . في الوقت نفسه اكد ان الطائرة المسيرة هي إسرائيلية بتمويل إماراتي و هو ما يؤكد صحة المعلومات المتداولة منذ برهة من الزمن و هذا في حد ذاته عامل قد يغير موازين و حسابات الصراع.
الوزير الصحراوي أنهى منذ أسبوع زيارة رسمية إلى نواكشوط التقى خلالها بالرئيس الموريتاني ولد الغزواني و سلمه رسالة من نظيره الصحراوي. تلك الزيارة التي كادت تؤدي إلى أزمة دبلوماسية مع الرباط حيث رفضت أستقبال وزير الخارجية الموريتاني الذي يقوم بزيارة مغاربية رسمية و عللت الرباط ذلك بدافع الحجر الاحترازي لكوفيد – 19 في حين استقبلت وزير الخارجية السنغالي.
فيما شنت وسائل إعلام مغربية هجوما لاذعا على موريتانيا لأستقبالها للوفد الصحراوي و قالت ان وزير الخارجية الموريتاني يحمل رسالة أعتذار للمغرب و ربما يحمل وساطة من البوليساريو ليتبين لاحقا أن هدف الزيارة هو حشد الدعم لمرشح موريتانيا لمنصب أفريقي رفيع.
الحرب الإعلامية صاحبتها حرب دبلوماسية حيث صبت الرباط أهتمامها على القنصليات الصورية في الأقاليم الصحراوية في حين اتجهت البوليساريو نحو إستكمال العضوية في الأمم المتحدة و هذا عبر تصريحات ممثلها هناك و وزير خارجيتها بالإضافة إلى ضغوطات قوية داخل الأتحاد الافريقي لسحب عضوية المغرب و هذا حسب تصريحات محامي البوليساريو لدى المنظومة الإفريقية. و كذا تكثيف الانشطة الحقوقية و الإنسانية داخل اوروبا و مع الجمعيات الداعمة للصحراويين في ظل التوترات المتصاعدة و التصعيد داخل المناطق الصحراوية الخاضعة للسيطرة المغربية.
لا ندري ما هو الرد الصحراوي الأنتقامي بالضبط لكن من شبه المؤكد ان البوليساريو في جعبتها ما تخفي خاصة تجارب و خطط حرب الاستنزاف الأولى. حسب مصادر إعلامية و عسكرية صحراوية موثوقة لدى قوات الجيش الشعبي الصحراوي أسلحة روسية متطورة و صواريخ بعيدة المدى و من المحتمل اقتناء طائرات مسيرة ذاتيا من تركيا و إيران بوساطة جزائرية. مما يعني أن الجبهات مفتوحة على كافة الأصعدة. لكن لا اعتقد أن البوليساريو سوف تستهدف معبر الكركارات نظرا للتأثير المباشر على السوق الموريتانية.
أغتيال ولد البندير خلط الاوراق و جاء البيان الأممي حذر و محتشم و دبلوماسي حيث يعتبر هذا فشلا ذريعا لبعثة (المينورصو). لا نستطيع نفي او إثبات هل هناك خسائر مادية و بشرية لكن الصمت و التكتم ربما يشير إلى أسرار و مفاجآت قد تقلب الصفحة نحو صراع إقليمي قوي و ظهور معطيات و إكراهات و توقعات ليست في الحسبان