رحم الله القاضي لمرابط ولد العادل

باباه ولد التُّراد

فقدت موريتانيا يوم أمس علما من أعلام القضاء، ورمزا فذا من المدافعين عن مبادئ الأمة وثوابتها، ونبراسا اجتماعيا كبيرا ، ذلكم بحق هو القاضي الورع لمرابط ولد العادل ، الذي شهد له الومنون بالتقوي والورع والاستقامة ، وفي الحديث:(أيَّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ اثْنَانِ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ )، وهذا يعني أنه قد عاش بحمد الله في الدنيا مأموناً، وأفضى إلى الآخرة سعيدا، ومعلوم أن “الخبر إذا تواتر به النقل قبله العقل” .
وبما أنه “لا شرف أعزمن الإسلام، ولا كرم أعلى من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة” ، فقد استوعب  فقيدنا مبكرا ذلك ، مدركا أن  ” أيامكم صحائف أعمالكم، فخلدوها أحسن أعمالكم “، فكان رحمه الله متمسكا بكتاب الله  ، ويعض على السنة النبوية بالنواجذ  – على صاحبها أفضل الصلاة والسلام – ، ومستعدا ليوم القيامة ، وكان يخشى الله ويخاف من بطشه ويطمع في كرمه ، ويعتبر أن الأساس في كل عمل هو الاخلاص لله تعالى ، والاستقامة والدوام على فعل الخير، والاعتماد على الله ، وكان رحمه الله حمامة مسجد ، ويحرص على مجالسة  العلماء والصالحين ، وكان منفقا في سبيل الله ، ورحيما بالضعفاء .
أيا قمر المكارم والمعالي   أبن لي كيف عاجلك الأفول
بكاك الدين والدنيا جميعا    وأهلهما كما يبكي الحمول
” .
كذلك فإن الفقيد رحمه الله كان يتمتع بأخلاق حميدة  ومهتما إلى حد كبير بالمصالح العامة للبلد ولمجتمعه الخاص ، ويحرص دائما على دفع المبالغ  في النائبات ، ويقدم الأفكار التي تؤدي إلى الرفع من حصة الفقراء والمساكين والمرضى .

لقد جعل من نفسه منهلا  للوراد ، واليتامى  والمساكين وابن السبيل

قد كنت لي جبلاً صعباً ألوذ به … وكنت تصحبنا بالرحم والديــن

من لليتامى؟ ومن للسائلين؟ ومن … نعني ويأوي إليه كل مسكين؟

وبهذا فلا غرو إذا وصفه بعضهم بأنه كان قرة عين جده  المختار بن حبيب “أبانحمد ” الذي تنمى إليه تلك الفصيلة الحميدة التي ذاع صيتها في كل الميادين.
لقد بكاه الرجال والنساء بحرارة ، لأنه كان قائد مسيرة الشهامة ، والاباء والمروءة والكرم  والنبل وعلو الهمة ، والإرتقاء بالنفس  والسماحة والمؤاساة والقول الحسن ، والأخلاق الحميدة والفعل الجميل .
سَلْ عنه وانطق به وانظُر إليه تَجِدْ … مِلء المسامِعِ والأفَواهِ والمُقَلِ .

ومع هذه الخصال كلها كان  ركنا مكينا للجميع  تأوي إليه الناس عند الشدائد والملمات ، وكان يقوم بإصلاح ذات البين ،  ويقدم الأفكار التي تخدم المجتمع وتحافظ على طهارته وأمنه الاجتماعي والأخلاقي عملا بمقاصد الشرع .

ترك وراءه فراغا كبيرا ، لكن تاريخه المجيد بقى خالدا فجزاه الله خيرا وأسكنه فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين  وحسن أولئك رفيقا.
وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .

باباه ولد التُّراد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى