من الوفاء إلى الطموح، قراءة في مكونة التعليم من برنامج المرشح: محمد ولد الشيخ الغزواني.
من المعروف أن الطموح هو القوة الدافعة التي تحفز الفرد على السعي لتحقيق أهدافه، إنه المحرك الذي يجعل المرء يسعى دائمًا لتحقيق المزيد حتى بعد إنجاز التزاماته السابقة. كما أن الشعور بلذة الوفاء واستشعار سعادة الإنجاز تشكلان حالات شعورية نفسية طبيعية عند الوفاء بالالتزام أو تحقيق الوعد، ويبلغ الرضا النفسي هذا ذروته إذا نتج عن عمل مقصود لذاته ومخطط له بمهنية واحترافية.
وما “طموح” المرشح السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني إلا مثال بين على ذلك. لأنه طموح يستمد مشروعيته من جملة من الدعائم القوية والركائز المتينة التي تتشكل من إنجازات باقية للأجيال القادمة وشاهدة على قوة إرادة صاحبها ونفاذ بصيرته.
إن البعد التنموي الشمولي في ورشات المأمورية الأولى المجسدة لبرنامج “تعهداتي” جعلها قاعدة انطلاق قوية لتنمية البلد على الأمدين المتوسط والبعيد في كافة الميادين.
ومن أهم هذه الميادين وأكثرها تأثيرا على مصير الدول والشعوب ميدان التربية والتعليم. ومن المعلوم ان الاستثمار فيهما من الاستثمارات غير منتظرة المردود في الأمد القصير وبالتالي فهي تتجاوز في مداها مأمورية رئاسية واحدة أو اثنتين. مما يعني أن إرادة رئيس الجمهورية التي سطرها في تعهداته للمأمورية الأولى بإصلاح المنظومة التربوية الوطنية وإرساء المدرسة الجمهورية، تعكس رؤية استشرافية بعيدة الأمد لمستقبل الأمة ومصير البلد، رؤية تسمو عن الأهداف السياسيوية الضيقة والقصيرة الأمد.
إن ما تحقق خلال الخمسية في مجال إصلاح التعليم والذي شكل إحدى أكبر ورشات هذه المأمورية، تجسد في مقاربة تأسست على تشخيص دقيق لواقع نظامنا التعليمي وجرد لجملة المعوقات والمشاكل التي يعاني منها واختيار آلية موسعة للتشاور الوطني شاركت فيه كافة أطياف المجتمع، السياسية والنقابية والمهنية والمجتمعية والجمعوية، أجمعت على رسم السمات والملامح العامة للمدرسة التي نريد لأبنائنا بل وندين بها لهم.
لقد أصدر المتشاورون وثيقة ضمنوها تشخيصا دقيقا لوضعية النظام التربوي ورؤية مستقبلية واضحة لإصلاحه. وبدأت الحكومة فورا في تجسيد تلك الوثيقة في إصلاح جذري وعميق تمثل في إصدار القانون التوجيهي للنظام التعليمي الذي يمثل الإطار التشريعي والتوجيهي لهذا النظام، وشرعت في تنفيذ مقتضياته. لنرى أنفسنا بعد سنتين من البدء الفعلي لهذا التطبيق أمام مدرسة جمهورية تعرض خدمة تعليمية شاملة ومنصفة يجتمع فيها جميع الأطفال الموريتانيين في جو تغيب فيه كل الفوارق ذات المنشإ الاقتصادي أو الاجتماعي أو الطبقي، لتمكينهم من التعلم والنمو والانعتاق في وسط يعكس الوجه الحقيقي لموريتانيا في تنوعها واختلافها وثرائها مجسدا بذلك مفهوم الوحدة في أسمى معانيه.
وبإلقاء نظرة سريعة على هذا الإصلاح من الداخل نرى أنه تناول المسألة من مختلف الجوانب وبدأ العمل فيها بشكل متزامن، ففي حين تمت إعادة النظر في المسالة اللغوية، بإعادة الاعتبار إلى اللغة العربية باعتبارها لغة تدريس حاملة لجميع المضامين الدينية والثقافية العلمية ،تم ذلك كذلك إدخال اللغات الوطنية كلغات تدريس في النظام التعليمي كما تم فرض تعلم لغة وطنية واحدة على الأقل على جميع الأطفال الناطقين بالعربية في خطوة لغرس التفاهم والتناغم وبناء جسور التواصل بين المكونات الوطنية منذ الطفولة الأولى.
وبالطبع فقد شمل الإصلاح مسارات أخرى لا تقل أهمية، ضمت المحاور الرئيسية للنظام التعليمي مثل الولوج والجودة والحكامة. فشيدت آلاف الحجرات الدراسية ونظمت اكتتابات للمدرسين فاقت في السنوات الأربع الأخيرة مجمل ما تم اكتتابه منذ 2008 وحتى 2019.بالإضافة إلى مراجعة النظام التكوين الاولى للمدرسين وتحسينه، وإطلاق برنامج للتكوين المستمر وتوفير الكتب والدعائم التربوية والديداكتيكية بكم وكيف غير مسبوقين، ضف إلى ذلك زيادات معتبرة في الأجور والعلاوات والتحفيزات الموجهة إلى المدرسين الميدانيين كما أطلق بالتزامن مع كل هذا مشروع لتثمين مهنة المدرس يهدف إلى إعادة الاعتبار لمهن التعليم والتدريس.
من هنا… وانطلاقا من المنجز ومن حجم الطموح، تتضح معالم الرؤية بالنسبة للخمسية القادمة في برنامج المرشح :محمد ولد الشيخ الغزواني والذي سيتمحور في خطوطه العريضة، في زيادة الموارد الموجهة للتعليم لتصل إلى 5.5 % من الناتج الداخلي الخام واستكمال الورشات التي بدأت والتي من أهمها استكمال حصرية التعليم القاعدي في التعليم العمومي وإصلاح نظام الشعب في التعليم الثانوي والتعميم التدريجي للتعليم ما قبل المدرسي والتحسين المستمر لجودة التعليم من خلال الرفع من نوعية التكوين الأولي بالإضافة إلى وضع نظام تحويل الاستثمارات إلى نتائج ملموسة، مع إرساء نظام حكامة يتأسس على التسيير التشاركي ، كما سيتم إدماج التعليم الأصلي في النظام التعليمي، إشهاديا ومعادلة، بالإضافة الرفع من أداء ونوعية التعليم العالي مع التركيز على تطوير التخصصات العلمية وإنشاء المعاهد والكليات العلمية المتخصصة.
ويمكن الرجوع إلى برنامج المرشح: “طموحي للوطن” للاطلاع بالتفصيل على كل هذه محاور.
وبتحقيق هذا الطموح – بإذن الله – ستكون بلادنا في نهاية المأمورية المقبلة قد حققت قفزة نوعية في ميدان التنمية البشرية، الرافعة الأولى من رافعات التنمية المستدامة، منجزة بذلك الهدف الرابع من أهداف التنمية الشاملة المحدد في استراتيجية النمو المتسارع والرفاهة المشترك..