ما بعد (التنصيب)
عبدو سيدي محمد
انتهت يوم أمس مراسيم تنصيب فخامة رئيس الجمهورية المنتخب لمأمورية ثانية محمد ولد الغزواني. حيث شهد حفل التنصيب اختلالا في التنسيق و التحضير و البروتوكول و هذا رغم صدور مذكرة إرشادية توجيهية مفصلة باللغتين العربية و الفرنسية و التي حددت مكان الحفل بقصر (المؤامرات).
ساد الارتباك حتى أثناء تأدية التهنئة من لدن الوفود المشاركة و هذا ظهر جليا في سلام (الرئيس) الذي تراوح بين المصافحة و المعانقة و الاحتضان. و لا شك أن لكل حركة جسد معنى و دلالة و رمزية و رسالة و لا تؤخذ على (حسن النية) و العفوية. سوف يتم قراءة تلك الحركات من عدة زوايا حسب المكسب الإعلامي و التحليل السلبي و الإيجابي. خارج قصر المؤتمرات سيطرة القوات الأمنية على الشوارع العامة المؤدية إلى إقامات الوفود.
تميز خطاب الرئيس المنتخب بنبرة (حادة) لمحاربة الفساد و القطيعة مع المفسدين. كما أشار إلى أهمية إشراك الشباب في الوظائف و تحمل مسؤولية بناء الوطن. و ربما تبدو تلك شعارات (دعائية) إنتخابية إلا أن الحكومة القادمة هي الفصيل بين الدعاية و التطبيق على أرض الواقع.
هنا أسجل ملاحظتين هامتين. الأولى حضور الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي الذي يحمل دلالة ذات أبعاد سياسية و إعلامية و أستيراتيحية و رسالة غير مشفرة لنظام الرباط و قصر الاليزي بعد موقف فرنسا (الشاذ) حول القضية الصحراوية و الذي لا يحمل اي تغيير أو جديد في الملف الصحراوي. هو مجرد خرجة إعلامية للضغط على الجزائر و محاولة إرضاء ذاتي بعد هزيمة فرنسا في دول الساحل الافريقي. قرار فرنسا نسخة رديئة مكررة من موقف ترامب. مع فرق بسيط هو سقوط القناع عن الوجه الفرنسي الخبيث.
بإستثناء بيان الخارجية الجزائرية المتزن حول تهور فرنسا. لا ردة فعل في نواكشوط لا على المستوى الرسمي أو الشعبي أو الإعلامي أو الحقوقي. و هذا في حد ذاته يترجم مصطلح (الحياد الإيجابي). موريتانيا تستقبل الرئيس الصحراوي و تعترف بالجمهورية الصحراوية لكن لا وجود لأي سفارة أو قنصلية (و لو شرفية)أو تمثيلية صحراوية على الأراضي الموريتانية. و هذا ربما يدخل تحت يافطة (الصمت الإيجابي).
الملاحظة الثانية فشل الدبلوماسية الموريتانية رغم الاعداد الضخمة من السفارات و القنصليات و ورقة رئاسة الأتحاد الافريقي (الشرفية) إلا أن الحضور إذا ما نزعنا اصدقاء (موريتانيا) لا يبقى سوى تمثيل شكلي على مستوى (سفارة) لا يتماشى مع حجم الحدث. ترى ما السبب في الفشل الذريع للخارجية الموريتانية لأستقطاب شخصيات دولية وازنة لحضور حفل التنصيب. ثم ما هي رسالة دولة مالي في إفاد وزير الدفاع و بلباس عسكري لحضور حدث وطني مدني؟ أليس الأفضل إرسال شخصية بمستوى الحدث. أعتقد أن الأوضاع في مالي لا تسمح بسفر شخصية أمنية عسكرية للمشاركة في التنصيب. ربما تحاول باماكو توهيم الوضع لما يحدث في ازواد. فليس من المنطقي سفر خارجي لوزير دفاع لدولة في حالة حرب.
خلاصة القول كان حفل التنصيب مؤشر على فوضى إدارية و ارتجالية حتى في الأحداث الكبرى. قصر المؤتمرات (المرابطون) يتسع لجميع الضيوف لكن سوء التنظيم و صراع (الطواحين) و (وهم) المسؤولية و تصخم (الأنا) و (عشق) الظهور شوائب و عواقب حالت دون إنجاح الحفل الذي يعتبر فرصة أستثمارية و إعلامية و دبلوماسية نادرة. لكن للأسف حفل التنصيب كان دون المستوى المطلوب. و كما يقال رب ضارة نافعة فقد ازاح الحفل الستار عن مكامن الخلل. فهل سيتدارك الرئيس المنتخب الأمر و يبدأ في علاج ما أستطاع ام سيترك الحبل على القارب ل (نسور) المناصب و أصحاب (القصور)؟