العلاقات الموريتانية السعودية..تطور مثمر تقوده إرادة سياسية جادة

شهدت العلاقات بين موريتانيا والمملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة قفزة نوعية، في مختلف الأصعدة والميادين، وذلك بفعل القيادة الرشيدة والحكيمة لقيادة البلدين، فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده، سمو الأمير: محمد بن سلمان.
ورغم أن العلاقات بين البلدين الشقيقين علاقات وطيدة وتاريخية؛ حيث تستند على مرتكزات دينية وثقافية وأخوية راسخة بدأت قبل نشأة الدولة الموريتانية الحديثة، حينما فتحت المملكة العربية السعودية في وقت مبكر أبوابها أمام علماء بلاد شنقيط، القادمين إليها من حواضر الإشعاع الثقافي والعلمي، إلا أن هذه العلاقات آخذة في النماء والتطور المطرد، وهو ما يستحق الإشادة والتنويه.
وقد مثلت زيارة سمو الملك فيصل رحمه الله لموريتانيا التدشين الفعلي لعلاقات الأخوة و الصداقة بين موريتانيا والمملكة؛ حيث كانت المملكة العربية السعودية من أوائل البلدان العربية والإسلامية التي ارتبطت بعلاقات أخوية تنموية صادقة مع موريتانيا بعد الاستقلال مباشرة، وقدمت لها الدعم المادي والمعنوي على مدى العقود الماضية بسخاء تام.
و كانت تلك الزيارة نقطة تحول هامة وانطلاقة فعلية قوية للعلاقات والتعاون الثنائي على شتى الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية، وأثمرت دعما ماليا سخيا لمشاريع التنمية في موريتانيا من خلال الهيئات الإنمائية المختلفة، وبخاصة الصندوق السعودي للتنمية، كما أسهم – ولا يزال – البنك الإسلامي للتنمية في دعم الاقتصاد والتنمية في موريتانيا، هذا علاوة على ما تقدمه المؤسسات والجمعيات الخيرية والإنسانية من مساعدات مختلفة لفقراء موريتانيا.
ومع وصول فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني إلى سدة الحكم بدأت العلاقات الثنائية مع المملكة العربية السعودية تتطور باضطراد ملحوظ؛ وشهدت تحولا نوعيا مرموقا؛ إذ شكلت الزيارة الرسمية التي أجراها للمملكة بادرة مهمة أكدت على الإرادة القوية للارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى تطلعات شعبيهما الشقيقين، والسعي الحثيث لدعم ومتابعة عدد ﻣﻦ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ التي وقعها البلدان خلال زيارة صاحب ﺍﻟﺴمو ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻷﻣﻴﺮ محمد ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺑﻦ عبد ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻭﻟﻲ العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، ﻭﺯﻳﺮ الدفاع ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ لموريتانيا في الثاني نوفمبر 2018 .
وتعد المملكة العربية السعودية أكبر ممول عربي للمشاريع التنموية في موريتانيا، وقد بدأت العلاقات بين البلدين تنمو وتتطور بخطى متسارعة؛ حيث تدفقت خلال السنوات الأخيرة تمويلات من صناديق ومؤسسات تمويل سعودية لدعم التنمية في موريتانيا في مجالات متعددة من أبرزها: المياه والصرف الصحي والبيئة والزراعة، والتعليم والصحة، ومكافحة الإرهاب..الخ، وذلك ما تؤكده لغة الأرقام؛ حيث بلغ حجم الدعم الذي قدمته المملكة لموريتانيا في السنوات الأخيرة ما يناهز 800 مليون دولار، ساهمت في إنشاء 48 مشروعا تنمويا في مختلف قطاعات الاقتصاد الموريتاني.
هذا بالإضافة إلى حصول نقلة نوعية في تسهيل فرص التواصل بين البلدين؛ حيث بدأت “الموريتانية للطيران” تسير رحلات منتظمة بين نواكشوط والمدينة المنورة، بعد أن وافقت الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة العربية السعودية على منحها تصريحًا بهذا الشأن، و أقلعت أول رحلة مباشرة يوم 21 إبريل 2024، وحظيت باحتفاء خاص لدى وصولها أرض المملكة.
وقد أثمر هذا التحول النوعي والمتنامي في العلاقات الثنائية بين البلدين رفع المملكة العربية السعودية مستوى تمثيلها الرسمي في لجنة العمل المشترك من مستوى وكيل وزارة إلى مستوى وزير، وهو ما رحبت به موريتانيا وقابلته بالمثل.
واستمرارا لنهج تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، سعت موريتانيا إلى التناغم مع المواقف التي تتبانها المملكة العربية السعودية في سياساتها الخارجية، وتعاطت بإيجابية مع كل الأحداث والأنشطة التي تهم المملكة، والتزمت بدعمها في مختلف المحافل الدولية.
وتؤكد الإرادة السياسية لقيادة البلدين وتوجيهاتها السامية في هذا المضمار، أن العلاقة بين البلدين مقبلة على مزيد من التعاون البناء والمثمر، وهو ما يحتم على جميع الفاعلين والمؤثرين والدبلوماسيين وقادة الرأي المشاركة الفاعلة في دفع عجلة هذا التعاون، والسعي الحثيث للتفاعل مع كل تجلياته ومخرجاته، تثمينا وإشادة، وإنارة للرأي العام، مما يجسد رؤيتهما في تعزيز السلام والإخاء بين الشعوب عبر العالم كسياسة رصينة ثابتة تتبناها وتقودها المملكة العربية السعودية خاصة وهي تخلد في هذه الأيام الذكر ال 94 ليومها الوطني المجد تتك الذكرى التي تجسد تاريخا طويلا من النمو والازدهار والاستقرار.

كرتومة محمد محمود

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى