عملية الزيتون تفاجئ الإحتلال وتعيد رسم معادلة القوة في غزة

رأى خبراء عسكريون وسياسيون أن عملية حي الزيتون مثّلت محطة فارقة في مسار الحرب على غزة، بعدما كشفت عن إرباك كبير في حسابات نتنياهو وأظهرت هشاشة خطط الجيش الإسرائيلي لاحتلال المدينة.
وأكد الخبراء في أحاديثهم لـ”قدس برس” أن المواجهة التي استمرت ساعات طويلة حملت رسائل استراتيجية، أبرزها قدرة المقاومة على استنزاف قوات الاحتلال، وإثبات أن أي اجتياح بري لغزة سيواجه بخسائر فادحة وضغوط سياسية ودولية متصاعدة.
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن “ما جرى في حي الزيتون، الذي لا تتجاوز مساحته تسعة كيلومترات مربعة، شكّل إرباكًا كبيرًا لحسابات نتنياهو السياسية والعسكرية، ومن المرجّح أن يدفع المستوى العسكري الإسرائيلي إلى إعادة النظر في خطته الرامية لاحتلال مدينة غزة”.
وأوضح أبو زيد، في حديث خاص لـ”قدس برس”، أن “المواجهة التي استمرت أكثر من ثلاث ساعات تمثل أطول عملية للمقاومة منذ 7 أكتوبر، وأجبرت الاحتلال على تفعيل (بروتوكول هنيبال)، ما يشير إلى وقوع جنود بين قتيل وأسير أو فقدان الاتصال بهم”.
وأضاف أن العملية “جاءت كترجمة عملية لما أعلنه الناطق باسم المقاومة أبو عبيدة قبل ساعات قليلة من وقوعها”، مؤكداً أنها “أبرزت قصور جهوزية قوات الاحتلال لتنفيذ عملية بحجم (عربات جدعون 2)، وانخفاض الكفاءة القتالية للوحدات المشاركة فيها”.
كما لفت أبو زيد إلى أن “العملية جرت في ساعات الليل، وهو ما يعدّ من أصعب أشكال القتال، الأمر الذي يؤكد أن المبادرة كانت بيد المقاومة التي امتلكت القدرة على الرصد والاستخبارات، ما يعكس استمرار تماسك معادلة القوة لديها رغم مرور أكثر من 680 يومًا من المواجهة”.
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي إياد القرا أن “عملية حي الزيتون تشكّل امتدادًا لسلسلة عمليات المقاومة الأخيرة، ومنها عملية خانيونس التي كشف الجيش الإسرائيلي عن تفاصيلها مؤخرًا، والتي أكدت أن لدى المقاومة استراتيجية واضحة في مهاجمة مواقع الجيش والتصدي لتحركاته”.
وأشار القرا في حديث لـ”قدس برس” إلى أن “أهمية العملية تكمن في وقوعها داخل مدينة غزة نفسها، في وقت لم يعلن فيه الاحتلال بعد عن بدء السيطرة المباشرة عليها، ما يعكس حجم التحديات والمخاطر التي سيواجهها حال قرر الدخول بريًا إلى المدينة”.
وأضاف أن “أي محاولة لاحتلال غزة ستُواجه بخسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي، قد تصل إلى وقوع أسرى أحياء أو جثث لجنود في يد المقاومة، وهو ما يشكل ضربة قاصمة للاحتلال ويزيد من المعارضة الداخلية لخطط نتنياهو”.
كما نبه القرا إلى أن العملية “تحمل بعدًا سياسيًا وإنسانيًا، إذ إن أي اجتياح للمدينة سيعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة، نظرًا لأنها تضم أكثر من مليون وثلاثمائة ألف مدني فلسطيني يعيشون أوضاعًا إنسانية قاسية في ظل الحصار والتجويع”.
وختم القرا بالقول إن “عملية الزيتون قد تكون نموذجًا متكررًا لعمليات يومية تستهدف استنزاف الجيش الإسرائيلي داخل غزة، وقد أعدّت لها المقاومة بعناية لإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر، بما يجعلها أحد أهم أوراق القوة في مواجهة الاحتلال”.
عن قدس برس