من أرشيف التاريخ السياسي الموريتاني:انتخابات1951
محمد سالم أحمد لكبار

نشر في صحيفة لوموند الفرنسية بتاريخ 9 أغسطس 1951 تقرير حول نقاش مثير دار داخل الجمعية الوطنية الفرنسية بشأن العمليات الانتخابية في موريتانيا، التي كانت آنذاك لا تزال تحت الإدارة الاستعمارية الفرنسية.
كانت تلك الانتخابات تهدف إلى اختيار نائب يمثل البلاد في الجمعية الوطنية الفرنسية، وأسفرت نتائجها عن فوز السيد سيدي المختار يحي انجاي، مرشح الاتحاد التقدمي الموريتاني والمقرّب من الحركة الجمهورية الشعبية (M.R.P.)، بعد حصوله على 25,039 صوتا، متفوّقًا بفارق 1,390 صوتا على النائب المنتهية ولايته السيد حرمه ولد ببانه، مرشح حزب الوفاق الموريتاني وعضو الكتلة البرلمانية لـ الاتحاد الديمقراطي والاشتراكي للمقاومة (U.D.S.R.).
#الطعن_في_النتائج
بعد إعلان النتائج، قدّم السيد حرمه ولد ببانه طعنا رسميا أمام مكتب الجمعية، معتبرا أن الانتخابات شابتها تجاوزاتٌ خطيرة، غير أن المكتب رفض الطعن، قبل أن يُعيد طرحه بيير شوفالييه، رئيس الكتلة البرلمانية التي ينتمي إليها ولد ببانه، خلال جلسة عامة للجمعية الوطنية الفرنسية.
وأثناء النقاش، كشف عمدة مدينة أورليان عن مجموعة من المخالفات التي قال إنها أثّرت على نزاهة الاقتراع، من أبرزها:
● نقل مكاتب تصويت في دائرة تگانت عن أماكنها الأصلية لمسافة تقارب ستين كيلومترًا نحو مناطق معادية للنائب المنتهية ولايته.
● حرمان إحدى القبائل- سجلت نحو 2500 ناخب- من التصويت بعد وضعها تحت الحجر الصحي يوم الاقتراع بحجة وجود حالة جدري.
● تسجيل حالات تصويتٍ متكررٍ وتصويتِ أطفال.
● ورود شكاوى عن تواطؤ بعض السلطات المحلية لصالح المرشح الفائز.
كما أشار العمدة إلى أن حاكم موريتانيا أبدى “عداءً نشطًا” تجاه حرمه ولد ببانه، واعتقل عددًا من أنصاره، من بينهم مستشار عام.
#رد_ممثل_الحركة_الجمهورية_الشعبية
من جانبه، دافع النائب السيد لوكاس (عن M.R.P.) عن نزاهة الانتخابات، معتبرًا أن نقل مكاتب التصويت كان مبرّرًا بطبيعة المناطق البدوية التي “يجب أن تُقام فيها المكاتب قرب نقاط المياه بسبب الجِمال”.
وأضاف، وسط ضحك النواب الفرنسيين:
” موريتانيا ليست مقاطعة لوريه، إنها إقليمٌ أكبر من فرنسا نفسها، وكل شيء يُنجز فيها على ظهور الجِمال.”
تحولت الجلسة إلى مشهد ساخر، عكسته تعليقات النواب وضحكاتهم، في وقتٍ كان الحديث فيه يدور حول إحدى التجارب السياسية المبكرة لشعبٍ يعيش تحت الإدارة الاستعمارية، بعد خمس سنوات فقط من أول انتخابات أُجريت سنة 1946.
وفي ختام النقاش، قررت الجمعية الوطنية الفرنسية رفض الطعن والتأكيد على عدم وجود تجاوزات، لتُعتمد نتائج الانتخابات رسميا.



