هدوء بعد عصف
لا شك أن موريتانيا تشهد هدوء سياسيا غير مسبوق شكل قطيعة مع الاحتقان الشديد الذي كان مخيما بكل سلبياته على المشهد، وأن علامات الفساد التي كانت صارخة في التسيير العام باتت خجولة، وأن انسيابية الإدارة بدأت تحل محل الشطط الذي كان سائدا بموازين ثلاثي:
– الوساطة،
– والزبونية
– والمحسوبية،
حتى ما كان لمعظم المواطنين أن يلجوا إلى خدماتها ولا للكثيرين من أصحاب الخبرات المؤكدة والأصيلة أن يحظوا منها باستماع أو يصلوا إلى نوال حق وقد سدت من أمامهم الأبواب مصنفين لهذا المصير الظالم عسفا بـ”معارضة” النظام.
ولا شك أيضا أن هذا الهدوء السياسي هو مؤشر جديد، طال غيابه، إلى أن الدولة في ظل العهد الجديد بدأت تنسجم مع قواعد اللعبة الديمقراطية الصحيحة التي تنبني في أساسها الثابت على المقارعة بالبرامج والخطابات تحت ظل دولة القانون وعدالة الحكامة وجدارة واستقام وحياد الإدارة.
وهو ذات الهدوء الذي تشهده أروقة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية من بعد ما رتب المؤتمر العادي الأخير بيته على نحو استطاع معه أن يزيل “الغشاوة” ويُبعد خلاله المؤتمرون أصحابَ “الشطط” الذين غيروا مساره وسخروه لـ:
– أهواء “الأحادية”،
– ومسارب الفساد،
– وتقويض الديمقراطية
وليقوم رئيسه الجديد في هدوء تطبعه الثقة المسؤولة والانفتاح الواسع والمتوازن بكل الاتجاهات على جميع “المحاورين” الراغبين في التبادل بلا:
– محاذير،
– أو شروط،
– أو أحكام مسبقة،
وعلى خلفية يطبها بوضوح السعيُ الجاد إلى ترتيب الوراق بما يناسب المرحلة الجديدة ويرتب الأولويات على ما يناسب ضرورات الإصلاح الهيكلي للحزب من ناحية، وملاءمة المسار الجديد في مصاحبة تطبيق المحتوى الشامل لبرنامج رئيس الجمهورية التعهداتي من ناحية أخرى.
ولما أن الهدوء الذي أعقب سنوات من “الجمر”، أضرت كثيرا بالمسار الديمقراطي، كان قد تحقق على هذا المستوى الكبير بفضل ما أقدم عليه رئيس الجمهورية، فور تقلده منصب الرئاسة من:
– تهدئة للأجواء المحتقنة،
– وانفتاح على المعارضة،
– واستماع إلى المستائين من الشخصيات الوازنة ورجال الأعمال والأطر الأكفاء بعدما نالهم من سوء المعاملة والغبن والتهميش بسبب آرائهم الرافضة للتعسف والفساد،
فإن أصحاب الغلو والتطرف لم يجدوا هم أيضا بدا من الانخراط في أجواء التهدئة والبحث عن مكان في مسار التصحيح ودعم المسلسل الديمقراطي سبيلا إلى تحقيق التنمية الشاملة المنشودة باستغلال أمثل لثروات البلد بعد وقف استنزافها وبسط العدالة تحت ظل دولة القانون الراسخة.