(طعم) المحروقات
عبدو سيدي محمد
خلال متابعات و مقاربات تحليلية في زمن الرئيس السابق تناولت بإسهاب تداعيات الأزمة آنذاك في مقال بعنوان ( الأفق المسدود) و تطرقت بالتفصيل إلى مآلات و عواقب الجري في أتجاه واحد لتنفيذ رغبات أحادية للرئيس السابق و حذرت من آثار جانبية خطيرة قد نلغي بظلالها على الحياة العامة و الخاصة. لقد كانت رغبة السابق (الجنونية) في رسم زعامة وهمية و أستمرار (النهج) دون معرفة عمق هشاشة الطبقة السياسية و (نفاقها) و ان دعمها كان من لب الخوف و الطمع ليس إلا.
الآن النظام الحالي يتجه نحو الهاوية فبعد ثلاثة أعوام دون تحقيق اي إنجاز يذكر من شأنه ملامسة عوز و حاجة المواطن بل الإسراع في وتيرة الصرف بإسراف و تبذير و تفريط ثم التضييق على أعناق و أرزاق المساكين.
لقد أظهرت الحكومات المتعاقبة قيمة مضافة في الفشل و سوء الأداء و المتتبع لتصريحات الوزراء المتناقضة و صور السيلفي مع الأنابيب و الحفر و المغاسل و الماعز و أكياس الخضار يدرك جيدا مدى الورطة و المأزق الذي وصلت إليه الأمور.
و من أشكال الفشل التي لا حصر لها هو تفاوض وزارة التجارة فزادت الأسعار و كانت كل مفاوضات لصالح التجار بدل المواطن فكانت حكومة تجار بما في الكلمة من معنى. و ما زاد الطين بلة هو تصريح هرم السلطة بعجز الدولة عن كبح جماح طمع التجار فكانت إشارة خضراء لتضارب الأسعار و ترك المواطن تحت رحمة الأرباح التجارية و غياب سلطة رقابية.
في مجال آخر يتفنن النظام في تدوير رموز الفساد و الفشل و تقاسم الكعكة بين الطبقة المترفة. فقصيدة عمياء تكفي لتعيين مريح و تدوينة مدح تأشيرة مرور عبر مجلس الوزارة نحو التوظيف و الإمتيازات.
خلال متابعتي للشأن الوطني كان أمام النظام فرص عديدة لإبداء حسن النية أتجاه المواطن لكن في كل مرة يضيع الفرصة و يسدد هدفا في مرماه عبر الوزراء و المستشارين و المكلفين.
و حتى ما انبعد اشهودي فقد قمت بدراسة عن التأثيرات الإجتماعية للحجر المنزلي إبان فترة كوفبد-19 و قدمت الدراسة لمركز دولي للدراسات الاقتصادية. كانت الدراسة شاملة للمشاكل و الحلول و الاقتراحات و نصحوني بتقديمها للجهات المعنية. للأمانة العلمية كانت جميع تكاليف البحث و الدراسة على نفقتي الخاصة لكن الوطن يستحق كل تضحية دون مقابل.
قدمت رسالة إلى رئاسة الجمهورية قصد لقاء فخامته (الرسالة موجودة و مختومة من طرف بريد الرئاسة) لكن كما توقعت لا ديوان الرئيس و لا فخامته كلف نفسه عناء الرد و لو مجاملة بإشعار أستلام. توقعت ذلك عبر تدوينتين متتاليين بعنوان (من أمام بوابة الرئاسة1 \ 2).
الآن كما يقال وقع الفأس في الرأس و على السلطات تحمل تبعات اي آثار محتملة نتيجة لغياب الدراسات الإستيراتبجية لصنع القرارات الصائبة.
خلاصة القول الدولة ليست عاجزة عن تقديم حلول بديلة لتخفيف العبء عن كاهل المواطن المغلوب على أمره و الذي يدفع ثمن تكاليف رفاهية الطبقة المخملية. فشركة (سنيم) مثلا قدمت على جناح السرعة قرضا ميسرا لشركة خاصة متعثرة ماليا. كما ان الدولة تحت تصرفها موارد ضخمة يمكن إستغلالها لصالح المواطن بدل ترف أصحاب الفخامات و السمو. النقطة الأخرى الهامة تربحت الدولة منذ عقد من فارق السعر بعد إنخفاض سعر البرميل إلى ما دون 50 $. ثم ما الفائدة من صندوق عائدات المحروقات إذا لم بتدخل لحل جزء من الأزمة؟
أعتقد أن الدولة (العميقة) تدخلت لخلق أزمة مقصودة و الهدف منها هو التحضير لتعبيد طريق المأمورية الثانية. فقبيل الانتخابات الرئاسية القادمة سيتم تخفيض جزئي لأسعار المحروقات يصاحبه حملة إعلامية و قبلية لتثمين هذا الإنجاز التاريخي الفريد من نوعه. و بما ان الشعب بذاكرة دجاجة سوف يبتلع الطعم و تمر مأمورية أخرى يتمتع بها المترفون بأموال الشعب و بصوته و إرادته إلا إذا حدثت مفاجأة محتملة الوقوع.
عبدو سيدي محمد
16 يوليو 2022