فئوي الحراطين في وحل

أعلِ ولد اصنيبه

إن بعض الحراطين اصحاب الإيديولوجية الفئوية، الذين يفتقرون لأدني مبرر لتطرفهم ومعاداتهم لأخوتهم البيظان، يستحضرون ظلماً تاريخياً تجاه آبائهم وأجدادهم، ألا وهو نظام العبودية.

إنه عذر غير مقنع . لا يمكن اعتبار الظلم التاريخي والعبودية السابقة حججًا سياسية صالحة في الديمقراطية الحقيقية.

ويجب أن نتذكر أن العبودية لم تكن حكرا للبيظان . لقد مارست جميع الأعراق الأفريقية هذه الظاهرة بالفعل . ولكن لا المكوبيون، ولا حتى الريمايبي، الذين كانوا عبيداً سابقين للفولان والتكرور ، يستخدمون هذه الذريعة لإبعاد أنفسهم عن مجتمعهم التقليدي والمطالبة بهوية جديدة.

وفيما يتعلق بالظلم التاريخي، فقد عانت منه كل الفئات لإجتماعية الموريتانية بطريقة أو بأخرى دون أن يضطر المنحدرين من هذه الفئات إلى المطالبة بتحديد هوية جديدة ولا المطالبة بتعويضات مادية ومعنوية .

لمن وكيف يجوز مساءلة فئة من المواطنين على أساس مظالم تاريخية وهل الدولة مسؤولة عن ماحدث من ظلم وتعسف قبل نشأتها ؟
” تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ”

ولا يمكن إنكار أن البيظان مستهدفون للاشيئ غير انهم هم من بسط سلطته على هذه الأرض منذ القرون الوسطى حتى يومنا هذا.
وبسبب إحباطهم، بذل القوميون البولار كل ما في وسعهم لإزاحتهم وفشلوا في ذلك .

في الوقت الحاضر، تعتقد مجموعة من فئويي الحراطين المتطرفين ، ان الوقت حان، و أنهم قادرون على للإنقضاض على السلطة وتصفية الحسابات مع احفاد السادة القدماء من خلال استحضار واستغلال تاريخ العبودية والظلم كرافعة انتخابية لكسب الانتخابات الرئاسية المقبلة.

مناورة خاطئة . إذا كان الأمر فئوي محض ، فالتناوب على رأس السلطة محكوم عليه بالفشل . إن الحكم الديمقراطي لا يتبع هذا المنطق: رجل واحد صوت واحد، وليس فئة واحدة وعدد أصواتها. وبالتالي فإن ميزان القوة سيكون بين الفئات والأعراق . في هذه الحالة، سيكون “البيض” متجانسين تمامًا. وستلتزم جميع أحزابهم وقواهم السياسية بالحفاظ على الوضع الراهن.

ومن المؤسف أن الفئويين يتناسون أن البيظان هم اصحاب كل مبادرة تغيير في هذا البلد، ولم يكن بقاء عرقهم أو لونهم في السلطة هو الهدف المنشود .

علاوة على ذلك، لا يتعرض الحراطين للتمييز بسبب أصولهم. ويمكنهم بالفعل الولوج للتعليم والعدالة والمشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية . وإذا تعرضوا للظلم، فذلك يرجع إلى سوء الحكامة وليس نتيجة لإنتمائهم الاجتماعي.

أما البيظان فقد استسلموا فعلا للدولة ، وما زالوا مقتنعين بأن قوتهم وسلطتهم كقبائل قد اختفت مع ظهور الجمهورية. الأمير لم يعد أميرًا، والأرستقراطي لم يعد أرستقراطيًا، والطبقة السفلى من المجتمع تغيرت مكانتها .
وفي هذا السياق يحكى ان مسعود ولد بولخير، عندما كان وزيراً ، ذهب إلى قريته الأصلية، في الحوض الشرقي. وبينما كان يتلقى التحايا ، رأى رجلاً متواضعاً يتجه نحوه و الجماعة التى تحيط به . فتعرف عليه وهمس قائلا: هذا الرجل الذي ترونه قادماً نحونا حللت محله في مدرسة ابناء الأعيان .
رفض والده بشدة أن يعهد به إلى الفرنسيين للتعليم آنذاك . اليوم أنا وزير وهو مجرد منمي ، هذه هي النتيجة
هكذا هي الجمهورية
اعل ولد اصنيبه
16/09/25

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى