قرن الشيطان

لقد برز قرن الشيطان الذي كنا نخافه،ونبذل ما بوسعنا كي لا يشق صف هذا البلد،لكن الذين دفع بهم الترف إلى التلهي باللعب بتلك الجواجز التي وضعت قبلنا لتقينا من ضربات ذلك القرن ،لا شك أدركوا اليوم أنهم فتحوا ثغرة دخل منها ذلك القرن ولن يستطيعوا سدها بالبساطة التي فتحوها بها.

إن اللغة التي تحدث بها النواب اليوم والوقاحة التي تخاطبوا بها،والتي وصلت حد التشكيك في حق الانتماء والعيش في هذا البلد،اثبتت أننا أرتكبنا خطأ جسيما بالتلاعب بالرموز الوطنية،وعلينا تدارك ذلك الخطأ وتصحيحه قبل فواة الأوان.

لم نسمع هذه اللغة التي أستخدمت اليوم في مقر السلطة التشريعية لهذا البلد،بل لم تستخدم قبل اليوم إلا ما روي لنا عن تلك الأحداث المأساوية التي عاشتها بلادنا سنة 1966،عندما أعتبر بعضنا البعض الآخر غريبا على هذه الأرض ورفض اللغة التي تجمعنا كمسلمين ،وهذا ما حدث اليوم للأسف.

صحيح أن السلطة التنفيذية أنذاك لم تقطع قرن الشيطان نهائيا،بل بنت دونه حاجزا وهميا يخفيه عن الناظر ولو لحين،وصحيح كذلك أن الأنظمة التي توالت بعد ذلك نظام ولد داداه قد نسيت أو تناست أو لم تر القرن من وراء الحاجز الوهمي،حتى طلع من جديد سنة 1989،ليمزق جسمنا بضرباته الدامية،التي كادت أن تقضي على كل أمل في البقاء.

وكما حدث سنة 1966 قامت السلطة التنفيذية بإعادة نفس الحاجز الوهمي لتخفي قرن الشيطان من جديد ،دون أن تجتثه.

وكما حدث 1989 ها هو القرن يظهر اليوم ومن أقدس مكان في الدولة،من داخل مبنى الجمعية الوطنية،فهل سنعيد نفس الكرة لإخفاء قرن الشيطان؟

إن الأولوية اليوم لم تعد تعديل الدستور،بل فرض الدستور ،لأن التعديل يفترض الوجود،وأحداث اليوم أثبتت أن الدستور غير موجود أصلا.

فعندما يتحدث النواب بحديث عنصري ويطلبون المحاصصة بناء على اللون والعرق وهو ما تنص المادة 1من الدستور على معاقبته،ويرفض البعض الآخر لغة وطنية ورسمية بنص المادة6.. فلم يعد يحق لنا الحديث عن دستور قابل للتعديل؟

إذا لم تتحمل الدولة مسؤولياتها اليوم وتطبق ما ورد في المادتين الأولى والساسدة من الدستور،على كل الذين أخترقوهما تحت قبة البرلمان،وتكف عن اللعب بالرموز الوطنية،فإن البلاد ستظل على قرن شيطان لا أحد يعرف متى ولا أين سيضرب ضربته القاضية….

الإخباري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى