المرابون والمطففون

عرفت الأيام الماضية جدالا واسعا على صفحات التواصل الإجتماعي وفي الصالونات والمقاهي والمواقع الإعلامية،حول الدور الذي لعبته موريتانيا في حل الملف الغامبي.

وكعادتنا في الجدال أنقطعت شعرة معاوية بين المتجادلين،وبعدت المسافة بين الفريقين حتى كادت تصل البعد بين المشرق والمغرب وضاعت الحقيقة والموضوعية في تلك المجابات اللامتناهية.

بعيدا عن هذا الجدال ومن خلال قراءة متأنية لتسلسل الأحداث،يمكننا تسجيل ما يلي:

-لا شك أن تدخل موريتانيا في الملف الغامبي حاء متأخرا،لأن غامبيا كانت بالنسبة لموريتانيا،المخلب الذي تنبه به جارتها الضرورية إذا ما أخطأت في التعامل معها،وكان عليها الدخول في بداية اللعبة حتى لا يقلم ذلك المخلب.

فكان بإبمكان موريتانيا أن تكون حاضرة خلال الانتخبات-كما كانت السنغال حاضرة بالتأكيد-لتؤثر على نتائج الانتخابات لصالحها وحتى تشجيع الرئيس جاميه على عدم التسرع بقبول نتائج الانتخابات.

  • رغم دخول موريتانيا خلال الوقت الضائع إلا أنها استطاعت أن تسجل نقاطا غاية في الأهمية.

أول هذه النقاط هي فرضها وجودها كند لمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا،في محاولة فك فتيل حرب كان من الممكن أن تجرف المنطقة بأكملها  إلى هاوية يصعب التنبؤ بنهاتها،وهي نقطة بالغة الأهمية بالمقاييس الدبلوماسية.

ثانيا،أنها ذكرت جارتها السنغال أنها تستطيع أن تقف في وجه مخططاتها،التي أخذت الوقت للتخطيط لها منذ زمن طويل،ولو من الباب الخلفي.

ثالثا أنها انتزعت صديقها جاميه من بين فكي السنغال والأكواس،وأستطاعت أن تجد له مخرجا مشرفا،حيث خرج على السجاد الأحمر وعزف له النشيد وأصطحب معه ممتلكاته ومقربيه.

رابعا أنها كسبت حليفا جديدا هي في أمس الحاجة إليه بعد أن فقدت حليفها الأقرب،وذلك من خلال ربط جهودها بجهود غينيا كوناكري وتقاسم انتصار السلم على الحرب معها.

وأخفقت موريتانيا-أو لم تنتبه- إلى ضرورة المطالبة بوجود عسكري ولو محدود بحجة حماية جاليتها الكبيرة العدد والحفاظ على ممتلكاتها الهامه وهو وجود لو تحقق لكان بمثابة الشوكة في قدم السنغال،يعيق حركتها ويحد من حرية تحركها ،أوعلى الأقل سيمكن من رصد ذلك التحرك عن قرب.

صحيح أن موريتانيا كان بإمكانها تحقيق نجاح أكبر بكثير لو حضرت بداية اللعبة،لكنها أيضا حققت نصرا كبيرا مقارنة بالزمن القليل الذي لعبت فيه.

فالذين يعتقدون أن موريتانيا حققت المعجزات مرابون،والذين يعتبرون أنها لم تحقق شيئا مطففون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى